تحصيله مؤدياً إلى الحرمان من الثاني .
ويستفاد ذلك من صريح قول الإمام علي عليهالسلام : لو كانت الدنيا من ذهب وهو يفنى والآخرة من خزف وهو يبقى لآثرت الخزف الباقي على الذهب الفاني .
وكذلك يقارن هذا المؤمن باستمرار بين المشقة والمعاناة وربما العذاب النفسي أو الجسدي أو هما معاً ـ الحاصلين له من قبل الظالمين الطغاة لعدم ركونه إليهم وتعاونه معهم أو لعدم سكوته عنهم ـ وعذاب الآخرة الحاصل له بسبب ركونه إليهم المنهي عنه بصريح قوله تعالى :
( وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ) (١) .
فيؤثر تحمل عذاب الدنيا ويصبر عليه لزواله وخفته بالنسبة إلى عذاب الآخرة .
ويأتي تحمل بلال الحبشي العذاب الجسدي والنفسي الحاصل له من مالكه أمية بن خلف بسبب إيمانه برسالة الحق الخالدة المسعدة ليكونَ الشاهد الحي المعبر عن الحقيقة الإيمانية المذكورة حيث كان يقابل ذلك كله بإباء وجلَد مردداً ذلك الشعار الخالد الذي كان ولا يزال صداه يرن في مسامع الأجيال الواعية لتستلهم منه دروساً في التضحية والإباء والصبر على البلاء الشديد في سبيل نصرة المبدأ الحق والثبات عليه من أجل نيل الجزاء .
العاجل العادل وهو الذكر العاطر والتقدير الوافر ( والذكر للإنسان عمر ثاني ) .
مع الجزاء الخالد والسعادة الأبدية التي أعدها الله سبحانه للمؤمنين
__________________
(١) سورة هود ، الآية : ١١٣ .