وحاصلها أنه كان ذات يوم في المرعى ليرعى قطيعاً كثيراً من الغنم له فسمع ذاكراً لله يقول : سبوح قدوس سبوح قدوس .
فهز هذا الذكرُ الجميلُ كيانه واهتز به طرباً لمحبوبيته له في ذاته ولعدم وجود من يذكر الله سبحانه من أبناء قومه بسبب ضلالهم وعكوفهم على عبادة الأصنام ولذلك أراد أن يكافأ ذلك الشخص الذاكر لله تعالى ويشجعه على قيامه بهذه العبادة المقدسة فقال له :
أعد عليّ هذا الذكر ولك نصف هذا القطيع فلبى ذلك الشخص طلبه وأعاد الذكر ثانياً فزاد سروره وابتهاجه وطلب منه أن يعيده ثالثاً ليقدم له القطيع كله فلبى طلبه وقدم له الخليل والكريمُ الجليلُ القطيعَ كلَّه .
وبعد نجاحه بهذا الامتحان ونيله الثواب العظيم والأجر الجسيم والذكر الخالد الجميل ـ كشف الله له الستار عن الواقع وبين له أن الذاكر لله تعالى هو جبرائيل وقد كلفه الله تعالى لأن يقوم بهذا الدور كما كلف إبراهيم بذبح ولده إسماعيل وكلف إسماعيل بتقديم نفسه ـ قرباناً وقربة لله تعالى ـ على وجه الامتحان وبيان مقام هذين النبيين العظيمين عند الله وقوة إيمانهما به وتسليمهما لأمره بحيث أصبحا لذلك مستعدين لأن يقوما بما أمرهما الله به مهما كان صعباً وشاقاً وبالقصة الأخيرة نعرف مدى نجاح خليل الله في كل الامتحانات التي عرضت عليه وتعرض لها ـ حيث نجح بالإقدام على الاحتراق بنار غضب النمرود وأتباعه في سبيل توحيده الصادق عقيدة وعملاً .
كما نجح بالإقدام على تقديم ولده الوحيد الصغير وبذل ماله الكثير في هذا السبيل .
وشاركه ولده إسماعيل
في نيل أعلى درجات النجاح في الامتحان