وبعد حصول النجاح في هذا الامتحان الإلهي وتحقق ما أراد الله سبحانه تحققه بواسطته من ظهور مقام هذين النبيين الرفيع ومنزلتهما الإيمانية السامية .
أجل : بعد حصول ذلك كشف الله لهما عن واقع الرؤيا وأن المقصود منها واقعاً هو الإقدام على الذبح لا نفسُه وذلك بقوله تعالى :
( وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) (١) .
وتكرر هذا النوع من الامتحان بالتكليف الظاهري مع النبي محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وولده الروحي علي بن أبي طالب عليهالسلام وذلك عندما طلب منه بأمرٍ من الله سبحانه أن يَنام في فراشه ليلة هجرته ليكون ذلك مغطياً لانسحابه من بين المشركين المحيطين بالمكان بانتظار مجيء الوقت المحدد للهجوم على شخص الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ليقضوا على حياته الشريفة وكانت الدلائل والأمارات الظاهرية توحي بأن القتل الذي كان سيصيب الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لو بقي في فراشه ـ يفرض إصابتهُ لعلي عليهالسلام ووقوعه عليه .
ومع هذا أقدم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على أن يقدم شخص علي وهو ولده الروحي فداءً للرسول والرسالة كما أقدم عليٌ على أن يقدم نفسه المطمئنَّة فداءً لهما .
وقد نالا النجاح الباهر في هذا الامتحان الصعب وبالدرجة التي نالها النبيان المذكوران . وإن كان فداء إسماعيل وصونه من الذبح ـ بذبح عظيم فإن فداء الإمام علي عليهالسلام وحفظه من القتل كان بتخطيط سماوي سليم
__________________
(١) سورة الصادفات ، الآيتان : ١٠٤ و ١٠٥ .