وأما المظلوم فسوف لا تذهب مظلوميته هدراً بل لا بد أن ينظر إليها بعين العدل التشريعي معجلاً وذلك بإعطاء وليه الحق في القصاص إذا كانت الجناية على حياته أو أخذ الدية إذا تنازل الولي عن الأخذ بحق القصاص ووافق على أخذ الدية وكذلك إذا كان الاعتداء على أحد أعضائه . عمداً فالشرع يعطي هذا المظلوم المعتدَى عليه الحق بالقصاص أو الدية إذا تنازل عن الأول ورضي بها .
وإذا لم يكن الاعتداء جنايةً على النفس أو على أحد الأعضاء على وجه يوجب القصاص أو الدية بل كان مسبباً ما هو أقل من ذلك فقد أعطاه الشرع المقدس حق الرد بالمثل لقوله تعالى :
( فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ ) (١) .
وإذا كان الاعتداء سبباً لإتلاف المال فالشرع يوجب على هذا المعتدي ضمان ما أتلفه لصاحبه بمثله أو بقيمته وهكذا فالله العادل بقضائه وشرعه لا يظلم أحداً ولا يسمح لغيره بظلمه ـ وإذا اعتُدي عليه وقف إلى جانبه في هذه الحياة بالتشريع العادل كما يأخذ له بحقه في الآخرة بالقضاء والفصل العادل أيضاً حتى لا يذهب حق المظلوم هدراً وربما أدت مظلومية بعض الأشخاص لأن يدخل بها الجنة إذا سببت له استحقاق مقدار من حسنات الظالم مقابل حقه المادي أو المعنوي الذي غُصب منه في الدنيا ـ وأدت نقيصة حسنات الظالم لأن يدخل بها النار حيث تغلب سيئاتُه حسناته بسبب هذه النقيصة على تفصيل وتوضيح مذكور في محله .
وبذلك يظهر أن ظلم شخص لآخر يكون رحمة للمظلوم في الآخرة
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية : ١٩٤ .