( فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) (١) .
وأما القسم الثاني من المعرفة : فالمقصود منه هو العمل وفق الوظائف الشرعية المحددة للمكلف في مجال العبادات والمعاملات على ضوء اجتهاده أو تقليده ويُراد بالمعاملات معناها العام الشامل لكل التصرفات المنسجمة مع الأحكام الشرعية والمحققة لعبادة الله سبحانه والإنقياد لإرادته بكل الأعمال الاختيارية التي لا يشترط في انسجامها مع الوظيفة الشرعية قصد التقرب بها لله تعالى ـ وبعبارة أخرى أوجز وأوضح : المراد بالمعاملات بالمعنى العام ـ كل عمل يمارسه المكلف وفق الوظيفة الشرعية المقررة في كل مورد ولا يشترط في انسجامه مع هذه الوظيفة قصد التقرب به لله تعالى وبهذا المعنى العام تشمل المعاملات بمعناها الخاص وهي المتوقفة على الإيجاب والقبول من طرفي العقد كما تشمل الإيقاعات التي لا تتوقف عليهما ويحصل من الشخص الواحد كالعتق والطلاق ونحوهما والتفصيل موكول إلى محله ـ ومن المعلوم أن العمل بالوظائف الشرعية وامتثال الأحكام السماوية لا يتوقف على تحصيل العلم بها عن طريق الدليل والبرهان ولذلك كان المكلف مخيراً فيها بين تحصيلها بالاجتهاد ومعرفتها بالتقليد لواجد شروطه المعهودة كما تقدم .
وحيث انطلقنا بالحديث حول كلمة عرفة وعرفات من زاوية مفهومها الإيماني العرفاني الواسع الذي لا يختص بزمان معين ومكان محدد بل يشمُل كلّ الساحات التي يكون للإنسان فيها حركة عبادية بتأدية واجب أو مستحب وترك حرام أو مكروه ـ أجل : حيث أنا انطلقنا بالحديث حول
__________________
(١) سورة الزلزلة ، الآيتان : ٧ و ٨ .