إن رحلته الفكرية تتمثل بتحرك الفكر وانتقاله من حالٍ بعيدةٍ عن هدف إيجاده وغاية خلقه كتفكيره في المصالح والمنافع المادية الدنيوية وسعيه في سبيل تحصيلها بأية وسيلة كانت ولو كانت محرمة تحطم كيانه معنوياً وتسبب له البؤس والشقاء في الدنيا والآخرة .
إلى حالة أخرى معاكسة تتمثل بتفكيره الجاد الحالي بمصيره الأخروي وأنه السعادة الخالدة الكاملة في جوار الله سبحانه بعد مفارقته هذه الحياة ـ إن سلك طريق التقوى وفعل ما أُمر به وترك ما نُهي عنه ـ أو الشقاء الدائم والعذاب المستمر في الدار الأخرى إن انحرف عن نهج الاستقامة وترك واجباً وفعل حراماً .
أجل : إن رحلة الإنسان المسلم وانطلاقه في طريق تأدية فريضة الحج أو عزمه على الانطلاق بجسمه يؤدي إلى رحلته الفكرية وتحوله من التفكير والاهتمام بما يضره ويحطمه مادياً ومعنوياً إلى حالة التفكير فيما ينفع ويرفع في الدنيا والآخرة .
ثم يترتب على هذا التحول والحركة الفكرية والروحية المعنوية الداخلية ـ تحرك الجسم والروح معاً في طريق تحقيق غاية إيجاده في هذه الحياة وهي إطاعة الله وعبادته وحده لا شريك له لتثمر له هذه العبادة السعادة في الدنيا والآخرة كما يُستوحى ذلك من قوله تعالى :
( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ) (١) .
__________________
(١) سورة الأعراف ، الآية : ٩٦ .