تسجيله ديناً عليه في الوصية ـ والبعض يتوفق لتطهير نفسه وتخليص ماله مما تعلق به من الحق الشرعي فعلاً وقبل سفره خوفاً من عدم تحقق ذلك في المستقبل بسبب وفاته وتقصير ورثته في إبراء ذمته بتنفيذ وصيته كما حصل للكثيرين ممن انخدعوا بسراب الأمل وتركوا أمر تخليصهم إلى غيرهم واتفق حصول التقصير في حقهم كما قصروا هم في حق أنفسهم ولم يعملوا بالنصيحة التي قدمها الشاعر الحكيم بقوله :
ما حك جسمك غيرُ ظفرك |
|
فتول أنت جميع أمرك |
كما لم يتنبهوا لقول الشاعر الآخر :
إذا أنت لم تعرف لنفـسك حقها |
|
هواناً بها كانت على الناس أهونا |
أجل : إن الانطلاق في طريق تأدية فريضة الحج المربية يعتبر في واقعه رحلةً فكريةً وروحيةً قبل أن يكون رحلة مادية جسمية تتمثل بتحرك الشخص جسمياً في سبيل تأدية هذا الواجب المقدس والرحلة الأولى هي المتممة للثانية حيث يشترك في تأدية الواجب الإلهي كل كيان الإنسان بكلا عنصريه المادي والمعنوي كما يشترك ذلك منه في مقام تأدية الصلاة والصيام والجهاد ونحوهما من الواجبات الإلهية .
وبذلك يتحقق الهدف المنشود من تشريعها وهو تحليق النفس البشرية بكلا جناحيها المادي والمعنوي في سماء الفضيلة والكمال لوضوح أن هذا التحليق والصعود إلى سماء الرفعة والسمو لا يكون بجناح المادة وحده كما أن الطير لا يتمكن من الطيران بجناح واحد ومن أجل توضيح كيفية حصول الرحلة الفكرية والروحية من الإنسان المسلم عندما ينطلق في طريق تأدية فريضة الحج مضافاً إلى رحلته الجسمية المادية أقول :