وشبهه على ما ذكرت لك وهكذا الرضا والغضب وغيرهما من الأشياء مما يشاكل ذلك ولو كان يصل إلى الله الأسف والضجر وهو الذي خلقهما وأنشأهما لجاز لقائل هذا أن يقول إن الخالق يبيد يوما ما لأنه إذا دخله الغضب والضجر دخله التغيير وإذا دخله التغيير لم يؤمن عليه الإبادة ثم لم يعرف المكون من المكون ولا القادر من المقدور عليه ولا الخالق من المخلوق تعالى الله عن هذا القول علوا كبيرا بل هو الخالق للأشياء لا لحاجة فإذا كان لا لحاجة استحال الحد والكيف فيه فافهم إن شاء الله تعالى.
______________________________________________________
واستشهد عليهالسلام بأمثاله في كلامه سبحانه ، ثم استدل على استحالة الحزن والضجر عليه كسائر الكيفيات بأن الاتصاف بالممكن المخلوق مستلزم للإمكان وكل ما هو ممكن في عرضة الهلاك ، ولا يؤمن عليه الانقطاع والزوال ثم إذا جوز عليه الزوال لم يعرف المكون المبدأ على الإطلاق من المكون المخلوق ، ولا القادر على الإطلاق السرمدي من المقدور عليه المحدث ، ولا الخالق من المخلوق ، لأن مناط هذا التميز والمعرفة الوجوب والقدم الدالان على المبدئية والقدرة والخالقية والإمكان والعدم الدالان على المكونية والمقدورية والمخلوقية ، بل هو الخالق للأشياء لا لحاجة منه إلى خلقه في وجوده أو كمالاته ، لكونه المبدأ الأول الأزلي الإحدى المتقدس عن التكثر بجهة من الجهات كالفعلية والقوة وغيرها ، فإذا كان كذلك استحال عليه الحد الموقوف على المهية الإمكانية والكيف كذا قيل.
أو أنه إذا كان خالقا لجميع ما سواه غير محتاج إليها لا يمكن أن يكون متصفا بالحد والكيف ، إذ الحد والكيف إن كانا منه سبحانه فهو محتاج إليهما ، فتكون خالقيته للحاجة ، وإن كانا من غيره فالغير مخلوق له ، وهو محتاج إليه في الاتصاف بهما.