في حديث الزنديق الذي سأل أبا عبد الله عليهالسلام أنه قال له أتقول إنه سميع بصير فقال أبو عبد الله هو سميع بصير سميع بغير جارحة وبصير بغير آلة بل يسمع بنفسه ويبصر بنفسه وليس قولي إنه سميع بنفسه أنه شيء والنفس شيء آخر ولكني أردت عبارة عن نفسي إذ كنت مسئولا وإفهاما لك إذ كنت سائلا فأقول يسمع بكله لا أن كله له بعض لأن الكل لنا له بعض ولكن أردت إفهامك والتعبير عن نفسي وليس مرجعي في ذلك كله إلا أنه السميع البصير العالم الخبير بلا اختلاف الذات ولا اختلاف معنى.
______________________________________________________
أي نفي صفات موجودة زائدة على ذاته سبحانه ، وأما كونها عين ذاته تعالى بمعنى أنها تصدق عليها أو أنها قائمة مقام الصفات الحاصلة في غيره تعالى أو أنها أمور اعتبارية غير موجودة في الخارج ، واجبة الثبوت لذاته تعالى فلا نص فيه وفي أمثاله على شيء منها ، وإن كان ظاهر أكثرها أحد الأولين.
قال المحقق الدواني : لا خلاف بين المتكلمين كلهم ، والحكماء ، في كونه تعالى عالما قديرا مريدا متكلما ، وهكذا في سائر الصفات ، ولكنهم تخالفوا في أن الصفات عين ذاته أو غير ذاته أو لا هو ولا غيره ، فذهبت المعتزلة والفلاسفة إلى الأول وجمهور المتكلمين إلى الثاني ، والأشعري إلى الثالث ، والفلاسفة حققوا عينية الصفات بأن ذاته تعالى من حيث أنه مبدء لانكشاف الأشياء عليه علم ، ولما كان مبدء الانكشاف عين ذاته كان عالما بذاته ، وكذا الحال في القدرة والإرادة وغيرهما من الصفات قالوا : وهذه المرتبة أعلى من أن تكون تلك الصفات زائدة عليه ، فإنا نحتاج في انكشاف الأشياء علينا إلى صفة مغايرة عنا قائمة بنا ، والله تعالى لا يحتاج إليه بل بذاته ينكشف الأشياء عليه ، ولذلك قيل محصول كلامهم نفي الصفات وإثبات نتائجها وغاياتها ، وأما المعتزلة فظاهر كلامهم أنها عندهم من الاعتبارات العقلية التي لا وجود لها في الخارج « انتهى ».