٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال خلق الله المشيئة بنفسها ثم خلق الأشياء بالمشيئة.
______________________________________________________
قلب ، ولا تصح النية والضمير والعزم إلا على ذي خاطر يضطر معها في الفعل الذي يغلب عليه إلى الإرادة له ، والنية فيه والعزم ، ولما كان الله تعالى يجل عن الحاجات ويستحيل عليه الوصف بالجوارح والأدوات ، ولا يجوز عليه الدواعي والخطرات بطل أن يكون محتاجا في الأفعال إلى القصود والعزمات ، وثبت أن وصفه بالإرادة مخالف في معناه لوصف العباد ، وأنها نفس فعله الأشياء ، وبذلك جاء الخبر عن أئمة الهدى ثم أورد هذه الرواية ، ثم قال : نص على اختياري في الإرادة ، وفيه نص على مذهب لي آخر ، وهو أن إرادة العبد تكون قبل فعله ، وإلى هذا ذهب البلخي ، والقول في تقدم الإرادة للمراد كالقول في تقدم القدرة للفعل ، وقوله عليهالسلام : إن الإرادة من الخلق الضمير وما يبدو لهم بعد الفعل ، صريح في وجوب تقدمها للفعل ، إذا كان الفعل يبدو من العبد بعدها ، ولو كان الأمر فيها على مذهب الجبائي لكان الفعل باديا في حالها ولم يتأخر بدوه إلى الحال التي هي بعد حالها.
الحديث الرابع : حسن ويحتمل وجوها من التأويل :
الأول : أن لا يكون المراد بالمشية الإرادة بل إحدى مراتب التقديرات التي اقتضت الحكمة جعلها من أسباب وجود الشيء كالتقدير في اللوح ، مثلا والإثبات فيه ، فإن اللوح وما أثبت فيه لم يحصل بتقدير آخر في لوح سوى ذلك اللوح ، وإنما وجد سائر الأشياء بما قدر في ذلك اللوح ، وربما يلوح هذا المعنى من بعض الأخبار كما سيأتي في كتاب العدل ، وعلى هذا المعنى يحتمل أن يكون الخلق بمعنى التقدير.
الثاني : أن يكون خلق المشية بنفسها كناية عن كونها لازمة لذاته تعالى غير متوقفة على تعلق إرادة أخرى بها ، فيكون نسبة الخلق إليها مجازا عن تحققها بنفسها منتزعة عن ذاته تعالى بلا توقف على مشية أخرى أو أنه كناية عن أنه اقتضى علمه الكامل ، وحكمته الشاملة كون جميع الأشياء حاصلة بالعلم بالأصلح ، فالمعنى أنه