فإما أن يعصم نفسه فيمتنع كما امتنع يوسف عليهالسلام أو يخلي بينه وبين إرادته فيزني فيسمى زانيا ولم يطع الله بإكراه ولم يعصه بغلبة.
______________________________________________________
بالعصمة والتخلية ، فيكون ذكر وجدان المرأة استطرادا « ولم يطع الله بإكراه » بل بإرادته وعصمة الله من أسباب إرادته « ولم يعصه بغلبة » منه ، بل بإرادته مع تخلية الله بينه وبين إرادته ، فلو لم يخل الله بينه وبين اختياره ، وأراد منعه لم يمكنه الفعل فلم يكن الله في ذلك مغلوبا منه.
ويحتمل أن يكون المراد بتخلية السرب أن يكون مخلى بالطبع ، فارغ البال غير مشغول الخاطر بما يصرفه عن الفعل ، وبصحة الجسم أن لا يكون له مرض لا يقدر معه على الفعل ، وبسلامة الجوارح أن لا يكون في الجارحة التي يحتاج إليها في الفعل آفة ، كقطع الذكر في مثل الزنا ، وبالسبب إذنه تعالى أي رفع الموانع ، فقوله : فلا يجد امرأة ، مثال لتخلف السبب عن الثلاث وقوله : ثم يجدها ، بيان لوجوده ، فقوله إما أن يعصم نفسه ، أي يعصم المكلف نفسه لكن في المقابلة بينه وبين أن يخلي تكلف.
وفيما أجاب به أبو الحسن الثالث عليهالسلام قال الصادق عليهالسلام : لا جبر ولا تفويض ولكن منزلة بين المنزلتين ، وهي صحة الخلقة وتخلية السرب والمهلة في الوقت والزاد مثل الراحلة والسبب المهيج للفاعل على فعله ، ثم فسر عليهالسلام صحة الخلقة بكمال الخلق للإنسان بكمال الحواس وثبات العقل والتميز وإطلاق اللسان بالنطق قال : وأما تخلية السرب فهو الذي ليس عليه رقيب يحظر عليه ، ويمنعه العمل مما أمر الله به ، وأما المهلة في الوقت وهو العمر الذي يمتع به الإنسان من حد ما يجب عليه المعرفة إلى أجل الوقت ، وذلك من وقت تميزه وبلوغ الحلم ، إلى أن يأتيه أجله ، فمن مات على طلب الحق فلم يدرك كماله فهو على خير ، وأما الزاد فمعناه البلغة والجدة التي يستعين بها العبد على ما أمره الله به ، والراحلة للحج والجهاد وأشباه ذلك ، والسبب المهيج هو النية التي هي داعية الإنسان إلى جميع الأفعال