الآلة مثل الزاني إذا زنى كان مستطيعا للزنا حين زنى ولو أنه ترك الزنا ولم يزن كان مستطيعا لتركه إذا ترك قال ثم قال ليس له من الاستطاعة قبل الفعل قليل ولا كثير ولكن مع الفعل والترك كان مستطيعا قلت فعلى ما ذا يعذبه قال بالحجة البالغة والآلة التي ركب فيهم إن الله لم يجبر أحدا على معصيته ولا أراد إرادة حتم الكفر من أحد ولكن حين كفر كان في إرادة الله أن يكفر وهم في إرادة الله وفي علمه أن لا يصيروا إلى شيء من الخير قلت أراد منهم أن يكفروا قال ليس هكذا أقول ولكني أقول علم أنهم سيكفرون فأراد الكفر لعلمه فيهم وليست هي إرادة حتم إنما هي إرادة اختيار.
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : مثل الزنا (١) ، هذا مثال لقوله : إذا فعلوا الفعل ، وليس مثالا لتفسير الاستطاعة ، ولما توهم السائل من قوله عليهالسلام : كانوا مستطيعين بالاستطاعة التي جعلها الله فيهم ، ومن أن الاستطاعة مع الفعل لا قبله الجبر قال : فعلى ما يعذبه؟ أي الزاني والمراد بالحجة البالغة أوامر الله تعالى ونواهيه وإرسال الرسل وإنزال الكتب ونصب الأنبياء والأوصياء عليهمالسلام لإعلام الناس بالأفعال النافعة والضارة ، والمراد بالآلة التي ركب فيهم القدرة والإرادة المؤثرتين اللتين خلقهما الله تعالى في العباد.
قوله : كان في إرادة الله أن يكفر ، أي إرادة بالعرض لأنه لما أراد أن يعطي العبد إرادة واختيارا ويخليه واختياره وهو أراد المعصية فهو سبحانه أراد ما صار سببا لكفره إرادة بالعرض أو يقال إرادته سبحانه علة بعيدة للكفر ، أو يقال : لما خيره وخلاه مع علمه بأنه يكفر بإرادته فكأنه أراد كفره مجازا كما مر تفصيله.
قوله عليهالسلام : أن لا يصيروا إلى شيء من الخير ، أي باختيارهم وإرادتهم المؤثرة ولما توهم السائل من قوله عليهالسلام : إنه تعالى شاء منهم أن يكفروا ، أي جبرهم عليه أو ذلك مقصوده منهم ، أجاب عليهالسلام بأن ليس مرادي ذلك ، بل مرادي أن الله أراد بحسب مصلحة التكليف أن يكلهم إلى اختيارهم وإرادتهم ، وعلم أن إرادتهم يتعلق
__________________
(١) كذا في النسخ وفي المتن « الزاني » بدل « الزنا ».