وقال وما أمروا إلا بدون سعتهم وكل شيء أمر الناس به فهم يسعون له وكل شيء لا يسعون له فهو موضوع عنهم ولكن الناس لا خير فيهم ثم تلا عليهالسلام « لَيْسَ
______________________________________________________
وبمعنى الحكم والتسمية نحو « أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللهُ » (١) يعني أتريدون أن تسموا مهتديا من سماه الله ضالا ، وحكم بذلك عليه.
والإضلال يأتي على وجوه : « أحدهما » الجهل بالشيء يقال : أضل بعيره إذا جهل مكانه « وثانيها » الإضاعة والإبطال يقال : أضله أي إضاعة وأبطله ، ومنه قوله تعالى : « أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ » (٢) أي أبطلها « وثالثها » بمعنى الحكم والتسمية يقال أضل فلان فلانا أي حكم عليه بذلك ، وسماه به « ورابعها » بمعنى الوجدان والمصادفة ، يقال : أضللت فلانا أي وجدته ضالا ، كما يقال : أبخلته أي وجدته بخيلا ، وعليه حمل قوله تعالى : « وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلى عِلْمٍ » (٣) أي وجده ضالا وحمل أيضا على معنى الحكم والتسمية وعلى معنى العذاب « وخامسها » أن يفعل ما عنده يضل ويضيفه (٤) مجازا لأجل ذلك كقوله تعالى : « يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً » (٥) أي يضل عنده كثير « وسادسها » أن يكون متعديا إلى مفعولين نحو « فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا » (٦) « لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ » (٧) وهذا هو الإضلال بمعنى الإغواء وهو محل الخطاب (٨) بيننا وبينهم ، وليس في القرآن ولا في السنة شيء يضاف إلى الله تعالى بهذا المعنى « انتهى ».
« وما أمروا إلا بدون سعتهم » أي أقل من طاقتهم ، بل السعة أوسع من الطاقة وهو يتضمن السهولة ، ويحتمل أن يكون دون بمعنى عند « ولكن الناس لا خير فيهم » إذ وسع عليهم هذه التوسعة ، ومع ذلك لا يطيعونه ، أو المراد أن ما لم يقع
__________________
(١) سورة النساء : ٨٨.
(٢) سورة محمد : ١.
(٣) سورة الجاثية : ٢٣.
(٤) كذا في النسخ وفي شرح مولى محمد صالح « يضيفه إلى نفسه ... » وهو الظاهر.
(٥) سورة البقرة : ٢٦.
(٦) سورة الأحزاب : ٦.
(٧) سورة الزمر : ٨.
(٨) وفيه أيضا « الخلاف » بدل « الخطاب ».