عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ » فوضع عنهم « ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ » (١) قال فوضع عنهم لأنهم لا يجدون.
______________________________________________________
من المأمور به ليس لأنهم لا يسعون بل لأنه لا خير فيهم ، ويحتمل أن يكون المراد بالناس العامة المجبرة حيث ينسبون ربهم إلى الجور والظلم ، مع هذه التوسعة التي جعلها الله في التكاليف.
وقيل : المعنى المخالفون لا خير فيهم ، حيث تمسكوا في أصول الدين وفروعه بمفتريات أوهامهم ، وتركوا اتباع من جعله الله مبينا وهاديا لهم « ثم تلا عليهالسلام » استشهادا لقوله : لم تجد أحدا في ضيق ، وقوله : وما أمروا إلا بدون سعتهم « لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ » لكمال فقرهم « ما يُنْفِقُونَ » في سبيل الجهاد « حَرَجٌ » فوضع عنهم تكليف الخروج والحرج والإثم للقعود عن الجهاد والتأخر عن الخروج « ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ » وهم الضعفاء والمرضى « مِنْ سَبِيلٍ » إلى معاتبتهم ومؤاخذتهم وتكليفهم ما ليس في وسعهم ، وإنما وضع الظاهر موضع الضمير للدلالة على أن اتصافهم بصفة الإحسان ودخولهم في المجاهدين بالقلب واللسان ، وإن تخلفوا عنهم بالأبدان صار منشأ لنفي الحرج عنهم كما قال سبحانه : « إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ». « وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ » يغفر لهم خطيئاتهم ولا يكلفهم بما لا يطيقون « وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ » من فقراء الصحابة « لِتَحْمِلَهُمْ » إلى الجهاد بتحصيل الراحلة والزاد لينفروا معك « قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ » قال : فوضع عنهم الجهاد والحرج لأنهم لا يجدون ما يركبون وما ينفقون.
قيل : والمقصود من ذكر الآية أن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها ، فكيف يكلف الناس على اختلاف عقولهم وأهوائهم أن يكتسبوا المعارف والأحكام بأوهامهم ، ولا يبين لهم ذلك بهاد يهديهم ومرشد يرشدهم ، والله يعلم حقائق الأمور.
__________________
(١) سورة التوبة : ٩١ ـ ٩٢.