وتعالى خلق اسما بالحروف غير متصوت وباللفظ غير منطق وبالشخص غير مجسد وبالتشبيه غير موصوف وباللون غير مصبوغ منفي عنه الأقطار مبعد عنه الحدود محجوب عنه حس كل متوهم مستتر غير مستور فجعله كلمة تامة على أربعة أجزاء معا ليس منها واحد قبل الآخر فأظهر منها ثلاثة أسماء لفاقة الخلق إليها وحجب منها واحدا وهو الاسم المكنون المخزون فهذه الأسماء التي ظهرت فالظاهر هو
______________________________________________________
فيكون المقصود بيان المغايرة بين الاسم والمسمى بعدم جريان صفات الاسم بحسب ظهوراته النطقية والكتبية فيه تعالى ، وأما على الثاني فلعله إشارة إلى حصوله في علمه تعالى فيكون الخلق بمعنى التقدير والعلم ، وهذا الاسم عند حصوله في العلم الأقدس ، لم يكن ذات صوت ولا ذات صورة ولا ذا شكل ولا ذا صبغ ، ويحتمل أن يكون إشارة إلى أن أول خلقه كان بالإضافة على روح النبي صلىاللهعليهوآله وأرواح الأئمة عليهمالسلام بغير نطق وصبغ ولون وخط بقلم ، ولنرجع إلى تفصيل كل من الفقرات وتوضيحها ، فعلى الأول قوله غير متصوت إما على البناء للفاعل ، أي لم يكن خلقها بإيجاد حرف وصوت ، أو على البناء للمفعول أي هو تعالى ليس من قبيل الأصوات والحروف ، حتى يصلح كون الاسم عينه تعالى.
وقوله عليهالسلام : وباللفظ غير منطق بفتح الطاء أي ناطق ، أو أنه غير منطوق باللفظ كالحروف ليكون من جنسها ، أو بالكسر أي لم يجعل الحروف ناطقة على الإسناد المجازي كقوله تعالى « هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِ » (١) وهذا التوجيه يجري في الثاني من احتمالي الفتح وتطبيق تلك الفقرات على الاحتمال الثاني ، وهو كونها حالا عن الاسم بعد ما ذكرنا ظاهر ، وكذا تطبيق الفقرات الآتية على الاحتمالين.
قوله عليهالسلام : مستتر غير مستور ، أي كنه حقيقته مستور عن الخلق مع أنه من حيث الآثار أظهر من كل شيء ، أو مستتر بكمال ذاته من غير ستر وحاجب أو أنه غير مستور [ عن الخلق ] بل هو في غاية الظهور ، والنقص إنما هو من قبلنا ، ويجري
__________________
(١) سورة المجادلة : ٢٩.