وجل يخبرك قال لا قال فتجب طاعتك كما تجب طاعة رسول الله صلىاللهعليهوآله قال لا فالتفت أبو عبد الله عليهالسلام إلي فقال يا يونس بن يعقوب هذا قد خصم نفسه قبل أن يتكلم ثم قال يا يونس لو كنت تحسن الكلام كلمته قال يونس فيا لها من حسرة فقلت جعلت فداك إني سمعتك تنهى عن الكلام وتقول ويل لأصحاب
______________________________________________________
معا ، فيلزمه أن يجعل نفسه شريكه صلىاللهعليهوآلهوسلم في رسالته وفي شرعه للدين ، فلما نفى الشركة « قال عليهالسلام فسمعت الوحي عن الله » أي المبين لأصول الدين ، على الأول ، أو للإمامة على الثاني ، إعلام الله بها أو بتبيين وتعيين ممن أوجب الله طاعته كطاعة رسول الله أو إعلام الله إما بوساطة الرسول أو بالوحي بلا واسطة ، وما بوساطة الرسول فهو من كلامه لا من عندك ، فتعين عليك في قولك من عندي أحد الأمرين إما الوحي إليك بسماعك عن الله بلا واسطة ، أو وجوب طاعتك كوجوب طاعة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فلما نفاهما بقوله « لا » في كليهما لزمه نفي ما قاله ومن عندي ، ولذا قال عليهالسلام هذا خاصم نفسه قبل أن يتكلم ، وقيل : مخاصمة نفسه من جهة أنه اعترف ببطلان ما يقوله من عنده ، لأن شيئا لا يكون مستندا إلى الوحي ولا إلى الرسول ، ولا يكون قائله في نفسه واجب الإطاعة لا محالة ، بل يكون باطلا.
وأقول : يحتمل أن يكون الكلام الذي ردد عليهالسلام الحال فيه بين الأمرين الكلام في الفروع من الفقه والفرائض ، لأنه لا مدخل العقل فيها ، ولا بد من استنادها إلى الوحي ، فمن حكم فيها برأيه يكون شريكا للرسول في تشريع الأحكام ، والتعميم أظهر.
« لو كنت تحسن الكلام » أي تعلمه كما ورد : قيمة المرء ما يحسنه « يا لها من حسرة » النداء للتعجب والمنادي محذوف ، ولام التعجب متعلق باعجبوا ، و « من حسرة » تميز من الضمير المبهم بزيادة من ، والحسرة أشد التلهف على الشيء الفائت ، وقوله : فقال يونس ، إما علي الالتفات أو بتقدير « قلت » بعده ، أو قال ذلك عند الحكاية للراوي.