______________________________________________________
لوجب أن يقول في الجواب : لا ، أو لا ينال عهدي ذريتك ، وقال الحسن : إن معناه أن الظالمين ليس لهم عند الله عهد يعطيهم به خيرا وإن كانوا قد يعاهدون في الدنيا فيوفي لهم ، وقد يجوز في العربية أن يقال لا ينال عهدي الظالمين ، لأن ما نالك فقد نلته ، وقد روي ذلك في قراءة ابن مسعود ، واستدل أصحابنا بهذه الآية على أن الإمام لا يكون إلا معصوما عن القبائح ، لأن الله سبحانه نفي أن ينال عهده الذي هو الإمامة ظالم ، ومن ليس بمعصوم فقد يكون ظالما إما لنفسه وإما لغيره ، فإن قيل : إنما نفى أن يناله في حال ظلمة ، فإذا تاب فلا يسمى ظالما ، فيصح أن يناله؟ فالجواب أن الظالم وإن تاب فلا يخرج من أن تكون الآية قد تناولته في حال كونه ظالما ، فإذا نفى أن يناله فقد حكم بأنه لا ينالها ، والآية مطلقة غير مقيدة بوقت دون وقت ، فيجب أن تكون محمولة على الأوقات كلها ، فلا يناله الظالم وإن تاب فيها بعد ، انتهى كلامه رفع الله مقامه.
فإن قلت : على القول باشتراط بقاء المشتق منه في صدق المشتق كيف يستقيم الاستدلال؟
قلت : لا ريب أن الظالم في الآية يحتمل الماضي والحال ، لأن إبراهيم عليهالسلام إنما سأل ذلك لذريته من بعده ، فأجاب تعالى بعدم نيل العهد لمن يصدق عليه أنه ظالم بعده ، فكل من صدق عليه بعد مخاطبة الله تعالى لإبراهيم بهذا الخطاب أنه ظالم ، وصدر عنه الظلم في أي زمان من أزمنة المستقبل يشمله هذا الحكم ، أنه لا يناله العهد.
فإن قلت : تعليق الحكم بالوصف مشعر بالعلية؟
قلت : العلية لا تدل على المقارنة ، إذ ليس مفاد الحكم إلا أن عدم النيل إنما هو للاتصاف بالظلم في أحد الأزمنة المستقبلة بالنسبة إلى صدور الحكم فتدبر.
وقال بعض الأفاضل : في الخبر دلالة علي أن المراد بالظالم من ظلم وسبق ظلمه ، حيث قال : من عبد صنما ولم يقل من لم يعبد ، ولم يدخل الفاء في الخبر