______________________________________________________
أولي العزم من الأنبياء أن الأئمة عليهمالسلام نواب للرسول صلىاللهعليهوآله لا يبلغون إلا بالنيابة ، وأما الأنبياء وإن كانوا تابعين لشريعة غيرهم لكنهم مبعوثون بالأصالة وإن كانت تلك النيابة أشرف وأعلى رتبة من تلك الأصالة ، وربما يفرق بينهما بأن الملك يلقي إلى النبي على وجه التعليم ، وإلى الإمام عليهالسلام للتنبيه.
وبالجملة لا بد لنا من الإذعان بعدم كونهم أنبياء ، وأنهم أفضل وأشرف من جميع الأنبياء سوى نبينا صلوات الله عليه وعليهم ، ومن سائر الأوصياء عليهمالسلام ، ولا نعرف سببا لعدم اتصافهم بالنبوة إلا رعاية جلالة خاتم الأنبياء صلىاللهعليهوآله ، ولا يصل عقولنا إلى فرق بين بين النبوة والإمامة ، وما دلت عليه الأخبار فقد عرفته والله يعلم حقائق أحوالهم صلوات الله عليهم.
قال الشيخ المفيد قدس الله روحه في شرح عقائد الصدوق رحمهالله : أصل الوحي هو الكلام الخفي ثم قد تطلق على كل شيء قصد به إلى إفهام المخاطب على السر له من غيره ، والتخصيص له به دون من سواه ، فإذا أضيف إلى الله تعالى كان فيما يخص به الرسل خاصة دون من سواهم على عرف الإسلام وشريعة النبي صلىاللهعليهوآله ، قال الله تعالى : « وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ » الآية (١) ، فاتفق أهل الإسلام على أن الوحي كان رؤيا مناما وكلاما (٢) سمعته أم موسى في منامها على الاختصاص ، وقال تعالى : « وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ » الآية (٣) يريد به الإلهام الخفي إذ كان خاصا بمن أفرده دون من سواه ، فكان علمه حاصلا للنحل بغير كلام جهر به المتكلم فأسمعه غيره.
وساق (ره) الكلام إلى أن قال : وقد يرى الله في المنام خلقا كثيرا ما يصح تأويله ويثبت حقه لكنه لا يطلق بعد استقرار الشريعة عليه اسم الوحي ، ولا يقال في هذا الوقت لمن أطلعه الله على علم شيء أنه يوحى إليه ، وعندنا أن الله يسمع الحجج بعد نبيه صلىاللهعليهوآله كلاما يلقيه إليهم أي الأوصياء في علم ما يكون ، لكنه لا يطلق عليه
__________________
(١) سورة القصص : ٧.
(٢) وفي المصدر « كان رؤيا أو كلاما ».
(٣) سورة النحل : ٦٨.