عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ » والتمسوا البيوت التي « أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ » فإنه أخبركم أنهم « رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ » إن الله قد استخلص الرسل لأمره ثم استخلصهم
______________________________________________________
مطلق العبادة ، وقد ورد في بعض الروايات تأويل الزينة باللباس وبثياب التجمل وبالسواك ، والجمع بينها بأن الزينة شاملة لكل ما يزين به الإنسان روحه وبدنه ، لقبول العبادة وكمالها ، فزينة الروح والنفس بالعقائد والأخلاق الحسنة ، والبدن بما ذكر.
« والتمسوا البيوت » أي اطلبوها ، ويدل على أن المراد بالبيوت بيوت الأئمة عليهمالسلام الصورية أو المعنوية ، فإنه قد ورد أنه ليس المراد بها البيوت المبنية بالطين والمدر « فإنه أخبركم » تعليل لكون المراد بها بيوتهم بأن الله تعالى وصف أهل تلك البيوت بصفات يخصهم ، حيث قال : « يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ رِجالٌ » فضمير أنهم راجع إلى أهل البيوت بقرينة المقام ، وتفسير البيوت بالأئمة عليهمالسلام ، فإنهم منازل نور الله ، وجعل كلمة « في » في قوله « فيها » للسببية ، وتفسير الرجال بأصحابهم الملتمسين للبيوت بعيد.
« لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ » أي اشتراء فإن أصل التاجر الحاذق بالأمر ، والحذق إنما يحتاج إليه كثيرا في الشراء ، لأن الأول اشتراء مجهول بمعلوم ، والثاني بيع معلوم بمعلوم ، ربما تولاه من لا بصيرة له وضرر ولا بيع الترقي فيه ، باعتبار أن البيع أهم عند التجار من الاشتراء ، لأن الأول اتفاقي والثاني باختيارهم « يَخافُونَ يَوْماً » أي عذاب يوم « تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ » ظهرا لبطن ، ومن جانب إلى جانب ، كتقلب الحية على الرمضاء ، وذلك لشدة مصائبه وعظم نوائبه.
« إن الله قد استخلص الرسل لأمره » قال الجوهري : استخلصه لنفسه استخصه « انتهى » أي جعلهم خالصين عن الأغراض الدنيوية والعلائق البدنية ، مخصوصين برسالته لأمر التبليغ والإنذار وهداية الخلق « ثم استخلصهم » أي ولاة الأمر المتقدم