عز وجل : « إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا » (١).
______________________________________________________
أن يجتمع ما اختلفوا فيه.
ومما يدل على ذلك أيضا أن الله سبحانه لم يقرن طاعة أولي الأمر بطاعة رسوله ، كما قرن طاعة رسوله بطاعته إلا وأولو الأمر فوق الخلق جميعا ، كما أن الرسول فوق أولي الأمر وفوق سائر الخلق ، وهذه صفة أئمة الهدى من آل محمد عليهمالسلام الذين ثبتت إمامتهم وعصمتهم ، واتفقت الأمة على علو رتبتهم وعدالتهم « انتهى ».
قوله تعالى : « إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ » الآية ، أقول : هذه الآية عمدة ما استدل به أصحابنا رضي الله عنهم على إمامة أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، وتقريره يتوقف على بيان أمور :
الأول : أن الآية خاصة وليست بعامة لجميع المؤمنين ، وبيانه أنه تعالى خص الحكم بالولاية بالمؤمنين المتصفين بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة في حال الركوع ، ومعلوم أن تلك الأوصاف غير شاملة لجميع المؤمنين ، وليس لأحد أن يقول : أن المراد بقوله : « وَهُمْ راكِعُونَ » أن هذه شيمتهم وعادتهم ، ولا يكون حالا عن إيتاء الزكاة ، وذلك لأن قوله : « يُقِيمُونَ الصَّلاةَ » قد دخل فيه الركوع فلو لم يحمل على الحالية لكان كالتكرار ، والتأويل المفيد أولى من البعيد الذي لا يفيد ، وأما حمل الركوع على غير الحقيقة الشرعية بحمله على الخضوع من غير داع إليه سوى العصبية لا يرضى به ذو فطنة سوية ، مع أن الآية على أي حال تتأدى بسياقها على الاختصاص.
وقد قيل فيه وجه آخر : وهو أن قوله : « إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ » خطاب عام لجميع المؤمنين ودخل في الخطاب النبي صلىاللهعليهوآله وغيره ، ثم قال : « وَرَسُولُهُ » فأخرج النبي صلىاللهعليهوآله من جملتهم لكونهم مضافين إلى ولايته ثم قال : « وَالَّذِينَ آمَنُوا » فوجب أن يكون الذي خوطب بالآية غير الذي جعلت له الولاية وإلا أدى إلى أن يكون المضاف هو المضاف إليه بعينه ، وإلى أن يكون كل واحد من المؤمنين ولي نفسه وذلك محال ، وفيه : بعض المناقشات والأول أسلم منها.
__________________
(١) سورة المائده : ٥٥.