يا أبا خالد النور والله الأئمة من آل محمد صلىاللهعليهوآله إلى يوم القيامة وهم والله نور
______________________________________________________
وأقول : لما كان النور في الأصل ما يصير سببا لظهور شيء فسمي الوجود نورا لأنه يصير سببا لظهور الأشياء في الخارج ، والعلم نورا لأنه سبب لظهور الأشياء عند العقل ، وكل كمال نورا لأنه يصير سببا لظهور صاحبه وأنوار النيرين (١) والكواكب نورا لكونها أسبابا لظهور الأجسام وصفاتها للحس ، وبهذه الوجوه يطلق على الرب تعالى النور ، ونور الأنوار ، لأنه منبع كل وجود وعلم وكمال ، فإطلاقه على الأنبياء والأئمة عليهمالسلام لأنهم أسباب لهداية الخلق وعلمهم وكمالهم بل وجودهم ، لأنهم العلل الغائية لوجود جميع الأشياء.
وأما نسبة الإنزال إليهم ، فإما لإنزال أرواحهم المقدسة إلى أجسادهم المطهرة ، أو أمرهم بتبليغ الرسالات ودعوة الخلق ومعاشرتهم بعد كونهم روحانيين في غاية التقدس والتنزه كما قال تعالى : « أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولاً » (٢) وفي بعض الأخبار أن الله أنزل نورهم فأسكنه في صلب آدم ، وقيل : إنزال النور إيقاع ولائهم وحبهم في قلوب المؤمنين ، وقيل : لما كان المراد بالنور ما يهتدى به من العلم والكاشف عنه المبين أو المثبت فيه ، الحافظ له من النفوس الزكية التي هي ينابيع العلوم والكتاب المشتمل عليها ، أو الروح الذي أنزل على رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ويكون مع الأئمة بعده وهو مناط المعارف الحقيقية ، والمراد بقوله : « إنا أنزلنا » على تقدير حمل النور على النفوس القدسية : أنزلنا على رسول الله صلىاللهعليهوآله كونها أنوارا ، وأن متابعتهم واقتفاءهم مناط الاهتداء ، وهم الأئمة من آل محمد صلىاللهعليهوآله على الحقيقة من غير تجوز ، وعلى سائر التقادير فقوله : « أنزلنا » أي أنزلناه وهو منزل عليه حقيقة علما كان أو كتابا ، أو روحا ، والأئمة عليهمالسلام هم حملته وحفظته وذووه.
وإطلاق النور عليهم كإطلاق كتاب الله وكلامه في قول أمير المؤمنين عليهالسلام : أنا
__________________
(١) كذا في الأصل وفي المخطوطتين « النيران » بدل « النيرين » والظاهر هو المختار.
(٢) سورة الطلاق : ١٠.