بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قال : الباء بهاء الله والسين سناء الله والميم مجد الله وروى بعضهم الميم ملك الله والله إله كل شيء الرحمن بجميع خلقه والرحيم بالمؤمنين خاصة
______________________________________________________
بحسب المدلولات البعيدة ، أو لأنه لما صار مستعملا للتبرك مخرجا عن المدلول الأول ففسره بغيره مما لوحظ في التبرك ، والمراد بهذا التفسير إما أن هذه الحروف لما كانت أوائل هذه الألفاظ الدالة على هذه الصفات أخذت للتبرك أو أن هذه الحروف لها دلالة على هذه المعاني إما على أن للحروف مناسبة مع المعاني بها وضعت لها ، وهي أوائل هذه الألفاظ فهي أشد حروفها مناسبة وأقواها دلالة لمعانيها أو لأن الباء لما دلت على الارتباط والانضياف ومناط الارتباط والانضياف إلى شيء وجدان حسن مطلوب للطالب ، ففيها دلالة على حسن وبهاء مطلوب لكل طالب ، وبحسبها فسرت ببهاء الله ، ولما كان الاسم من السمو الدال على الرفعة والعلو والكرم والشرف ، فكل من الحرفين بالانضمام إلى الآخر دال على ذلك المدلول فنسبت الدلالة على السناء بحسب المناسبة إلى السين ، وفسرها بسناء الله والدلالة على المجد أو الملك بحسبها إلى الميم ، وفسرها بالمجد أو الملك على الرواية الأخرى « والله إله كل شيء » أي مستحق للعبودية لكل شيء والحقيق بها ، والرحمن لجميع خلقه.
اعلم أن الرحمن أشد مبالغة من الرحيم ، لأن زيادة البناء تدل على زيادة المعنى ، وذلك إنما يعبر تارة باعتبار الكمية وأخرى باعتبار الكيفية ، فعلى الأول قيل : يا رحمن الدنيا لأنه يعم المؤمن والكافر ، ورحيم الآخرة لأنه يخص المؤمن وعلى الثاني قيل : يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما بتخصيص الأول بجلائل النعم والثاني بغيرها ، والثاني أيضا يحتمل أن يكون محمولا على الوجه الأول ، أي رحمن الدارين بالنعم العامة ، والرحيم فيهما بالنعم الخاصة بالهداية والتوفيق في الدنيا والجنة ودرجاتها في الآخرة ، والأخير في هذا الخبر أظهر.