عالم بالسياسة مفروض الطاعة قائم بأمر الله عز وجل ناصح لعباد الله حافظ لدين الله.
إن الأنبياء والأئمة صلوات الله عليهم يوفقهم الله ويؤتيهم من مخزون علمه وحكمه ما لا يؤتيه غيرهم فيكون علمهم فوق علم أهل الزمان في قوله تعالى « أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ » (١) وقوله تبارك وتعالى : « وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً » (٢) وقوله في طالوت :
______________________________________________________
القوة يقال : اضطلع بحمله أي قوي عليه ونهض به « عالم بالسياسة » أي بما يصلح الأمة من قولهم سست الرعية أي أدبتهم وأصلحتهم « قائم بأمر الله » لا بتعيين الأمة أو بإجراء أمر الله تعالى على خلقه « وحكمه » معطوف على المضاف أو المضاف إليه ، تأكيدا أو تخصيصا بعد التعميم ، أو المراد بالحكم الشرائع وبالعلم غيرها.
« في قوله تعالى » متعلق بمقدر أي ذلك مذكور في قوله تعالى ، ويحتمل أن تكون كلمة « في » تعليلية « أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِ » الآية صريحة في أن المتبوع يجب أن يكون أعلم من التابع ، وأنه لا بد أن يكون الإمام غير محتاج إلى الرعية في علمه ، ولا ريب أن غير أمير المؤمنين عليهالسلام من الصحابة لم يكونوا كذلك و « أَمَّنْ لا يَهِدِّي » بتشديد الدال وقرأ بفتح الهاء وكسرها ، والأصل يهتدي فأدغمت وفتحت الهاء أو كسرت لالتقاء الساكنين « وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ » يدل على فضل العلم والحكمة ، وتفضيل المفضول قبيح عقلا ، وقد فسرت الحكمة في الأخبار بمعرفة الإمام « وقوله تعالى في طالوت » هو اسم أعجمي عبري وقيل : أصله طولوت من الطول ، والمشهور أنه لما سأل الله إشموئيل عليهالسلام لقومه أن يبعث لهم ملكا أتى بعصا يقاس بها من يملك عليهم ، فلم يساوها إلا طالوت فقال : هو الملك عليكم ، فقال قومه : « أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا » ويستأهل الإمارة « وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ » لشرافة النسب وكثرة الأموال ، لأنه كان من أولاد بنيامين ولم يكن فيهم النبوة والملك ، وكانوا من أولاد لاوي بن يعقوب وكانت النبوة فيهم ، ومن أولاد يهودا وكان الملك فيهم « وَلَمْ
__________________
(١) سورة يونس : ٣٥.
(٢) سورة البقرة : ٢٦٩.