« إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَ
______________________________________________________
يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ » الذي عليه مدار الملك والسلطنة ، إذ كان فقيرا راعيا أو سقاء يسقي على حمار له من النيل ، أو دباغا يعمل الأديم على اختلاف الأقوال فيه فقال لهم نبيهم « إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ » فدلت الآية على أن الاصطفاء وإيتاء الملك الحق إنما يكون من الله وبتعيينه ، وأن مناط الاصطفاء شيئان : العلم والجسم ، ومعلوم أن الجسم غير مقصود في نفسه بل لكونه ملزوما للشجاعة والمهابة عند العدو ، فدلت على أن الإمام لا بد أن يكون أعلم وأشجع من جميع الأمة ، ولا ريب في أن كلا من أئمتنا عليهمالسلام كانوا أعلم وأشجع ممن كان في زمانهم من المدعين للخلافة.
قال البيضاوي : لما استبعدوا تملكه لفقره وسقوط نسبه رد عليهم ذلك « أولا » بأن العمدة فيه اصطفاء الله وقد اختاره عليكم وهو أعلم بالمصالح منكم « وثانيا » بأن الشرط فيه وفور العلم ليتمكن به من معرفة الأمور السياسية وجسامة البدن ليكون أعظم خطرا في القلوب وأقوى على مقاومة العدو ومكائدة الحروب وقد زاده فيهما « وثالثا » بأنه تعالى مالك الملك على الإطلاق فله أن يؤتيه من يشاء « ورابعا » بأنه واسع الفضل يوسع على الفقير ويغنيه ، عليم بمن يليق بالملك ، انتهى.
وأقول : إذا تأملت في كلامه ظهر لك وجوه من الحجة عليه كما أومأنا إليه « أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ » في سورة النساء هكذا : « وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ » فالتغيير إما من النساخ أو منه عليهالسلام نقلا بالمعنى ، أو لكونه في قراءتهم عليهمالسلام هكذا ، ولعل الغرض من إيراد هذه الآية أن الله تعالى امتن على نبيه صلىاللهعليهوآله بإنزال الكتاب والحكمة وإيتاء نهاية العلم وعد ذلك فضلا عظيما ، وأثبت ذلك الفضل لجماعة من تلك الأمة بأنهم المحسودون على ما آتاهم الله من فضله ، ثم بين أنهم من آل إبراهيم عليهالسلام.
والفضل : العلم والحكمة والخلافة ، مع أنه يظهر من الآيتين ، أن الفضل