______________________________________________________
وهل هذا إلا كمن طرح نفسه في البحر العجاج رجاء أن يتشبث للنجاة بخطوط الأمواج ، ولنشر إلى شيء مما في كلامه من التهافت والاعوجاج.
فنقول كلامه فاسد عن وجوه :
أما أو لا فلأنه بعد ما اعترف أن الله تعالى إنما أمر بذلك لتحفظ الأمة عن الخطإ في كل زمان ، فلو كان المراد ما زعمه من الإجماع كيف يحصل العلم بتحقق الإجماع في تلك الأعصار مع انتشار علماء المسلمين في الأمصار ، وهل يجوز عاقل إمكان الاطلاع على جميع أقوال آحاد المسلمين في تلك الأزمنة ، ولو تمسك بالإجماع الحاصل في الأزمنة السابقة ، فقد صرح بأنه لا بد في كل زمان من معصوم محفوظ عن الخطإ.
وأما ثانيا : فبأنه على تقدير تسليم تحقق الإجماع والعلم به في تلك الأزمنة فلا يتحقق ذلك إلا في قليل من المسائل ، فكيف يحصل تحفظهم عن الخطإ بذلك.
وأما ثالثا : فبأنه لا يخفى على عاقل أن الظاهر من الآية أن المأمورين بالكون ، غير من أمروا بالكون معهم ، وعلى ما ذكره يلزم اتحادهما.
وأما رابعا : فبأن المراد بالصادق إما الصادق في الجملة ، فهو يصدق على جميع المسلمين فإنهم صادقون في كلمة التوحيد لا محالة ، أو في جميع الأقوال ، والأول لا يمكن أن يكون مرادا لأنه يلزم أن يكونوا مأمورين باتباع كل من آحاد المسلمين كما هو الظاهر من عموم الجمع المحلى باللام ، فتعين الثاني وهو لازم العصمة ، وأما الذي اختاره من إطلاق الصادقين على المجموع من حيث المجموع ، من جهة أنهم من حيث الاجتماع ليسوا بكاذبين ، فهذا احتمال لا يجوزه كردي لم يأنس بكلام العرب قط.
وأما خامسا : فبأن تمسكه في نفي ما يدعيه الشيعة في معرفة الإمام لا تخفى سخافته ، إذ كل جاهل وضال ومبتدع في الدين يمكن أن يتمسك بهذا في عدم وجوب اختيار الحق والتزام الشرائع ، فلليهود أن يقولوا : لو كان محمد صلىاللهعليهوآله نبيا