فقال إن الله لا ينزل ولا يحتاج إلى أن ينزل إنما منظره في القرب والبعد سواء لم يبعد منه قريب ولم يقرب منه بعيد ولم يحتج إلى شيء بل يحتاج إليه وهو ذو الطول « لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ » أما قول الواصفين إنه ينزل تبارك وتعالى فإنما يقول ذلك من ينسبه إلى نقص أو زيادة وكل متحرك محتاج إلى من يحركه أو يتحرك به فمن ظن بالله الظنون هلك فاحذروا في صفاته من أن تقفوا له على
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : إنما منظره : أي نظره وعلمه وإحاطته بأن يكون مصدرا ميميا أو ما ينظر إليه في القرب والبعد منه سواء ، أي لا يختلف اطلاعه على الأشياء بالقرب والبعد ، لأنهما إنما يجريان في المكانيات بالنسبة إلى أمثالها وهو سبحانه متعال عن المكان ، إذ يوجب الحاجة إلى المكان ، وهو لم يحتج إلى شيء بل يحتاج إليه على المجهول ، أي كل شيء غيره محتاج إليه ، والطول : الفضل والإنعام.
قوله عليهالسلام فإنما يقول ذلك « إلخ » أي النزول المكاني إنما يتصور في المتحيز وكل متحيز موصوف بالتقدر ، وكل مقتدر متصف بالنقص عما هو أزيد منه وبالزيادة على ما هو أنقص منه ، أو يكون في نفسه قابلا للزيادة والنقصان ، والوجوب الذاتي ينافي ذلك لاستلزامه التجزي والانقسام المستلزمين للإمكان ، وأيضا كل متحرك محتاج إلى من يحركه أو يتحرك به ، لأن المتحرك إما جسم أو متعلق بالجسم ، والجسم المتحرك لا بد له من محرك ، لأنه ليس يتحرك بجسميته ، والمتعلق بالجسم لا بد له في تحركه من جسم يتحرك به ، وهو سبحانه منزه عن الاحتياج إلى المحرك ، وعن التغير بمغير ، وعن التعلق بجسم يتحرك به.
ويحتمل أن يكون المراد بالأول الحركة القسرية ، وبالثاني ما يشمل الإرادية والطبيعية ، بأن يكون المراد بمن يتحرك به ما يتحرك به من طبيعة أو نفس ، وقوله : من أن يقفوا (١) ، من وقف يقف ، أي أن يقوموا في الوصف له وتوصيفه على حد فتحدونه بنقص أو زيادة ، ويحتمل أن يكون من قفا يقفو ، أي تتبعوا له في البحث عن صفاته
__________________
(١) وفي المتن « تقفوا » بصورة الخطاب.