جميع خلائقه إليه الوسيلة بالأعمال المختلفة والأديان المشتبهة فكل محمول يحمله الله بنوره وعظمته وقدرته لا يستطيع لنفسه ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا فكل شيء محمول والله تبارك وتعالى الممسك لهما أن تزولا والمحيط بهما من شيء وهو حياة كل شيء ونور كل شيء سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا.
قال له فأخبرني عن الله عز وجل أين هو فقال أمير المؤمنين عليهالسلام هو هاهنا وهاهنا وفوق وتحت ومحيط بنا ومعنا وهو قوله « ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا » فالكرسي محيط بالسماوات والأرض « وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى وَإِنْ تَجْهَرْ
______________________________________________________
والمعاداة إنما يكون بين الضدين كذا قيل ، والأظهر عندي أن المراد أن ظهوره صار سببا لخفائه كما قيل : يا خفيا من فرط الظهور ، فتأمل « ابتغى » أي طلب ، ولعل المعنى أن نوره سبحانه لما ظهر في عالم الوجود طلبه جميع الخلق ، لكن بعضهم أخطأوا طريق الطلب وتعيين المطلوب ، فمنهم من يعبد الصنم لتوهمه أنه هناك ، ومنهم من يعتقد الدهر لزعمه أنه الإله والمدبر ، فكل منهم يعلمون اضطرارهم إلى مدبر وخالق ورازق وحافظ ويطلبونه ويبتغون إليه الوسيلة لكنهم لعماهم يخطئون ويتحيرون ، ولبسط هذا الكلام مقام آخر.
قوله عليهالسلام : الممسك لهما ، أي للسماوات والأرض « والمحيط » يجوز جر المحيط بالعطف على ضمير لهما ، و « من » بيان له ، يعني الممسك للشيء المحيط بهما ، أو متعلق بقوله : « أَنْ تَزُولا » يعني الممسك لهما وللمحيط بهما أن تزولا ، وقوله : من شيء ، للتعميم ويجوز رفعه بالعطف على الممسك « ومن » بيان لضمير بهما لقصد زيادة التعميم ، أو بيان المحذوف يعني المحيط بهما مع ما حوتاه من شيء.
قوله عليهالسلام : وهو حياة كل شيء ، أي من الحيوانات أو الحيات بمعنى الوجود والبقاء مجازا « ونور كل شيء » أي سبب وجوده وظهوره.
قوله عليهالسلام : فالكرسي ، يمكن أن يكون المراد تفسير الكرسي أيضا بالعلم فتأمل.