وقت معدود ولا أجل ممدود ولا نعت محدود سبحان الذي ليس له أول مبتدأ ولا غاية منتهى ولا آخر يفنى سبحانه هو كما وصف نفسه والواصفون لا يبلغون نعته وحد الأشياء كلها عند خلقه إبانة لها من شبهه وإبانة له من شبهها لم يحلل فيها فيقال هو فيها كائن ولم ينأ عنها فيقال هو منها بائن ولم يخل منها فيقال له أين لكنه سبحانه أحاط بها علمه وأتقنها صنعه وأحصاها حفظه لم يعزب عنه خفيات غيوب الهواء ولا غوامض مكنون ظلم الدجى ولا ما في السماوات العلى إلى
______________________________________________________
الفطن : الفطن الغائصة في بحار الفكر لدرك دقائق الأمور.
« ليس له وقت معدود ولا أجل ممدود » أي ليس له زمان متناه ولا غير متناه لخروجه عن الزمان ، أو ليس له زمان متناه ولا غاية لوجوده وإن امتد الزمان.
« ولا نعت محدود » أي بالحدود الجسمانية أو العقلانية بأن يحاط بنعته « ولا آخر يفنى » أي بعده « هو كما وصف نفسه » أي في كتبه وعلى ألسنة رسله وحججه وبقلم صنعه على دفاتر الآفاق والأنفس ، « حد الأشياء كلها » أي جعل للأشياء حدودا ونهايات أو أجزاء وذاتيات ليعلم بها أنها من صفات المخلوقين ، والخالق منزه عن صفاتهم ، أو خلق الممكنات التي من شأنها المحدودية ليعلم بذلك أنه ليس كذلك ، كما قال تعالى (١) : فخلقت الخلق لأعرف ، أو خلقها محدودة لأنها لم يكن يمكن أن تكون غير محدودة لامتناع مشابهة الممكن الواجب في تلك الصفات التي هي من لوازم وجوب الوجود ، ولعل الأوسط أظهر « ولم يخل منها » أي بالخلو الذي هو بمعنى عدم الملكة ، بقرينة التفريع ، أي الخلو المحل عن الحال والمكان عن المتمكن « فيقال له أين » أي يسأل أين هو ، ويمكن أن يقرأ أين بالتنوين ، أي يقال إنه أين ومكان للأشياء ، ثم بين عليهالسلام نسبته سبحانه إلى الأشياء وكيفية قربه منها ، بقوله « لكنه سبحانه » إلخ ، أي قربه قرب العلية وإحاطته الإحاطة العلمية ، « لم يعزب » أي لم يغب ، والدجى : جمع دجية بالضم وهي الظلمة.
__________________
(١) أي في الحديث القدسي.