فسبحان الذي لا يئوده خلق ما ابتدأ ولا تدبير ما برأ ولا من عجز ولا من فترة بما خلق اكتفى علم ما خلق وخلق ما علم ـ لا بالتفكير في علم حادث أصاب ما خلق ولا شبهة دخلت عليه فيما لم يخلق لكن قضاء مبرم وعلم محكم وأمر متقن توحد بالربوبية وخص نفسه بالوحدانية واستخلص بالمجد والثناء وتفرد بالتوحيد والمجد والسناء وتوحد بالتحميد وتمجد بالتمجيد وعلا عن اتخاذ الأبناء وتطهر وتقدس عن ملامسة النساء وعز وجل عن مجاورة الشركاء فليس له فيما خلق ضد ولا له فيما ملك ند ولم يشركه في ملكه أحد الواحد الأحد « الصَّمَدُ » المبيد للأبد والوارث للأمد الذي لم يزل ولا يزال وحدانيا أزليا قبل بدء الدهور وبعد صروف الأمور الذي لا يبيد ولا ينفد بذلك أصف ربي فلا إله إلا الله من عظيم ما أعظمه ومن جليل ما أجله ومن عزيز ما أعزه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
______________________________________________________
والدخور الصغار والذل « لا يؤوده » أي لا يثقل عليه « ولا من عجز » أي لم يكتف بخلق ما خلق لعجز ولا فتور ، بل لعدم كون الحكمة في أزيد من ذلك.
ثم أكد عليهالسلام ذلك بقوله : « علم ما خلق ، وخلق ما علم » أي ما علمه أن الصلاح في خلقه « ولا شبهة دخلت عليه فيما لم يخلق » بل لم يخلق لعدم الداعي إلى خلقه وإيجاده « لكن » الإيجاد « باقتضاء تام وقضاء مبرم وعلم محكم » وإحاطة بالخير والأصلح « وأمر متقن » أي نظام كامل « استخلص بالمجد والثناء » أي جعلهما مخصوصين بذاته الأحدية.
« وتوحد بالتحميد » أي باستحقاق الحمد من العباد ، أو بتحميد نفسه ، وفي التوحيد فتحمد بالتحميد ، يقال : هو يتحمد علي أي يمنن ، أي أنعم علينا واستحق منا الحمد والثناء بأن رخص لنا في تحميدة ، أو بأن حمد نفسه ولم يكل حمده إلينا والتمجد إظهار المجد والعظمة ، والتمجيد يحتمل الوجهين أيضا « المبيد للأبد » أي المهلك المفني للدهر والزمان والزمانيات « والوارث للأمد » أي الباقي بعد فناء