وإذا نقع منها سبع حبّات في لبن امرأة وسعط به صاحب اليرقان أفاده ، وإذا شرب منها وزن مثقال بماء أفاده من ضيق النفس . والضماد بها ينفع من الصداع البارد . و إذا طبخت بخلّ وتمضمض بها نقعت من وجع الأسنان الكائن عن برد .
وقد ذكر ابن بيطار وغيره ممّن صنّف المفردات في منافعها هذا الّذي ذكرته وأكثر منه .
وقال الخطابيّ : قوله « من كلّ داء » هو من العامّ الّذي يراد به الخاصّ ، لأنّه ليس في طبع شيء من النبات ما يجمع جميع الأمور الّتي تقابل الطبائع كلّها في معالجة الأدواء بمقابلها ، وإنّما المراد أنّها شفاء من كلّ داء يحدث من الرطوبة .
قال أبو بكر ابن العربيّ : العسل عند الأطبّاء أقرب إلى أن يكون دواء من كلّ داء ومع ذلك فإنّ من الأمراض ما لو شرب صاحبه العسل لتأذّى به ، فإذا كان المراد بقوله في العسل « فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ (١) » الأكثر الأغلب فحمل الحبّة السوداء على ذلك أولى .
وقال غيره : كان عليهالسلام يصف الدواء بحسب ما يشاهد من حال المريض ، فلعلّ قوله في الحبّة السوداء وافق مرض من مزاجه بارد ، فيكون معنى قوله « شفاء من كلّ داء » أي من هذا الجنس الّذي وقع القول فيه ، والتخصيص بالجنسيّة كثير شائع ، والله أعلم .
وقال الشيخ محمّد بن أبي حمزة : تكلّم الناس في هذا الحديث ، وخصّوا عمومه وردّوه إلى قول أهل الطبّ والتجربة ، ولا خفاء بغلط قائل ذلك ، لأنّا إذا صدّقنا أهل الطبّ ـ ومدار علمهم غالباً إنّما هو على التجربة الّتي بناؤها على الظنّ غالباً ـ فتصديق من لا ينطق عن الهوى أولى بالقبول من كلامهم ـ انتهى ـ . وقد تقدّم توجيه حمله على عمومه ، بأن يكون المراد بذلك ما هو أعمُّ من الإفراد والتركيب ، ولا محذور في ذلك ، ولا خروج عن ظاهر الحديث ، والله أعلم .
وقال : الشونيز بضمّ المعجمة وسكون التحتانيّة بعدها زاي . وقال القرطبيّ :
__________________
(١) النحل : ٦٩ .