ومن الذين سماهم الله في كتابه في قوله : وجعلنا منهم « أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ » (١) فتدبروا هذا واعقلوه ولا تجهلوه فإنه من يجهل هذا وأشباهه مما افترض الله عليه في كتابه مما أمر الله به ونهى عنه ترك دين الله وركب معاصيه فاستوجب سخط الله فأكبه الله على وجهه في النار.
وقال أيتها العصابة المرحومة المفلحة إن الله أتم لكم ما آتاكم من الخير واعلموا أنه ليس من علم الله ولا من أمره أن يأخذ أحد من خلق الله في دينه بهوى ولا رأي ولا مقاييس قد أنزل الله القرآن وجعل فيه تبيان كل شيء وجعل للقرآن ولتعلم القرآن أهلا لا يسع أهل علم القرآن الذين آتاهم الله علمه أن يأخذوا فيه بهوى ولا رأي ولا مقاييس أغناهم الله عن ذلك بما آتاهم من علمه وخصهم به ووضعه عندهم كرامة من الله أكرمهم بها وهم أهل الذكر الذين أمر الله هذه الأمة بسؤالهم وهم الذين من سألهم وقد سبق في علم الله أن يصدقهم ويتبع أثرهم أرشدوه وأعطوه من علم القرآن ما يهتدي به إلى
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : « ومن الذين » كأنه معطوف على قوله خلقهم بتقدير جعلهم ، أو على الظرف بعده بتضمين الجعل.
قوله عليهالسلام : « فتدبروا » والظاهر أنه جزاء الشرط في قوله « سركم » ويحتمل أن يكون جزاء الشرط مقدرا ، أي إن سركم فاشكروا أو لا تجزعوا مما يصل منهم إليكم ولعل اسم الإشارة والضمير راجعة إلى ما يفهم من الكلام السابق من لزوم التقية ، والصبر على المكاره في الدين ، والرضا بقضائه تعالى فيهم ، وفي أعدائهم وفي القاموس (٢) : كبه : قلبه : وصرعه ، كأكبه وكبكبه فأكب وهو لازم متعد.
قوله عليهالسلام : « إن الله أتم » الظاهر أنه بالتشديد ، وهو بشارة بأن الله يتم هذا الأمر أي أمر التشيع لخواص الشيعة ، ويحتمل أن يكون بالتخفيف حرف شرط ، وتكون قيدا للفلاح : أي فلا حكم مشروط بأن يتم الله لكم الأمر ، ولا تضلوا بالفتن على قياس ما مر قوله : « من علم الله » أي مما علم الله حقيته.
قوله عليهالسلام : « أرشدوه » خبر أو جزاء لقوله « من سألهم ».
__________________
(١) سورة القصص : ٤١. وفيها « وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ ... ».
(٢) القاموس المحيط : ج ١ ص ١٢١.