قد عادت كهيئتها يوم بعث الله نبيه صلىاللهعليهوآله والذي بعثه بالحق لتبلبلن بلبلة ولتغربلن غربلة ولتساطن سوطة القدر حتى يعود أسفلكم أعلاكم وأعلاكم أسفلكم وليسبقن
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : « لتبلبلن بلبلة » البلبلة (١) : الاختلاط ، وتبلبلت الألسن أي اختلطت وقال ابن ميثم : وكنى بهما عما يوقع بهم بنو أمية وغيرهم من أمراء الجور من الهموم المزعجة ، وخلط بعضهم ببعض ورفع أراذلهم وحط أكابرهم عما يستحق كل من المراتب ، وقال الجزري (٢) : فيه دنت الزلازل والبلابل هي الهموم والأحزان وبلبلة الصدر وسواسه ، ومنه الحديث إنما عذابها في الدنيا البلابل والفتن ، يعني هذه الأمة ومنه خطبة علي : لتبلبلن بلبلة ولتغربلن غربلة انتهى والأظهر أن المراد اختلاطهم واختلاف أحوالهم ودرجاتهم في الدين ، بحسب ما يعرض لهم من الفتن.
قوله عليهالسلام : « ولتغربلن غربلة » والظاهر أنها مأخوذة من الغربال ، الذي يغربل به الدقيق ، ويجوز أن تكون من قولهم غربلت اللحم أي قطعته ، فعلى الأول الظاهر أن المراد تميز جيدهم من رديئهم ، ومؤمنهم من منافقهم ، وصالحهم من طالحهم بالفتن التي تعرض لهم ، كما أن في الغربال يتميز اللب من النخالة ، وقيل : المراد خلطهم ، لأن غربلة الدقيق تستلزم خلط بعضه ببعض.
وقال ابن ميثم (٣) : هو كناية عن التقاط آحادهم وقصدهم بالأذى والقتل كما فعل بكثير من الصحابة والتابعين ،. ولا يخفى ما فيه ، وعلى الثاني فلعل المراد تفريقهم وقطع بعضهم عن بعض.
قوله عليهالسلام : « ولتساطن سوطة القدر » قال الجزري (٤) : ساط القدر بالمسوط ، وهو خشية يحرك بها ما فيها ليختلط ، ومنه حديث علي ( رضياللهعنه ) : « لتساطن سوط القدر ».
قوله عليهالسلام : « حتى يعود أسفلكم أعلاكم » أي كفاركم مؤمنين ، وفجاركم
__________________
(١) شرح نهج البلاغة لابن ميثم ج ١ ص ٢٩٦ ـ ٣٠٠.
(٢) النهاية : ج ١ ص ١٥٠.
(٣) شرح نهج البلاغة لابن ميثم ج ١ ص ٢٩٦ ـ ٣٠٠.
(٤) النهاية : ج ٢ ص ٤٢١.