أزمتها فأوردتهم الجنة وفتحت لهم أبوابها ووجدوا ريحها وطيبها وقيل لهم « ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ » (١) ألا وقد سبقني إلى هذا الأمر من لم أشركه فيه ومن لم أهبه له ومن ليست له منه نوبة إلا بنبي يبعث ألا ولا نبي بعد محمد صلىاللهعليهوآله أشرف منه « عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ
______________________________________________________
الناس ، ولا يستطيعون منعها ، عن أن توردهم المهالك ، « والتقوى بمطاياه ذلل » مطيعة منقادة أزمتها بيد ركابها ، يوجهونها حيث ما يريدون.
قوله عليهالسلام « : وأعطوا أزمتها » على البناء للمفعول أي أعطاهم من أركبهم أزمتها ، ويحتمل أن يقرأ على البناء للفاعل ، أي أعطي الركاب أزمة المطايا إليها فهن لكونهن ذللا لا يخرجن عن طريق الحق ، إلى أن يوصلن ، ركابهن إلى الجنة والتقحم : الدخول في الشيء مبادرة عن غير تأمل ، قوله تعالى : « بِسَلامٍ » أي سالمين من العذاب أو مسلما عليكم « آمِنِينَ » من الآفة والزوال.
قوله عليهالسلام : « لم أشركه فيه » أي في الخلافة ولم أهب كله له أو لم أهب جرم هذا الغصب له.
قوله عليهالسلام : « ومن ليست له توبة إلا بنبي يبعث » أي لا يعلم قبول توبة من فعل مثل هذا الأمر القبيح وأضل هذه الجماعات الكثيرة ، إلا بنبي يبعث فيخبره بقبول توبته ، وفي بعض النسخ نوبة أي ليست له نوبة في الخلافة إلا بنبي يبعث فيخبر عن الله أن له حصة في الخلافة ، وفي أكثر النسخ إلا نبي بدون الباء ، فالمراد بالتوبة ما يوجب قبولها أي ليس له سبب قبول توبة إلا بنبي ولعله من تصحيف النساخ.
قوله عليهالسلام : « أشرف منه » أي بسبب غصبه الخلافة.
قوله عليهالسلام : « على شفا جرف » قال الجوهري (٢) : شفا كل شيء جرفه قال الله تعالى « وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ » (٣) وقال (٤) : والجرف والجرف مثل عسر وعسر : ما تجرفته السيول وأكلته من الأرض ومنه قوله تعالى « عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ » (٥) وقال (٦) : هار الجرف يهور هورا وهؤورا فهو هائر ، ويقال : أيضا جرف هار خفضوه في موضع
__________________
(١) سورة الحجر : ٤٦.
(٢) الصحاح : ج ٦ ص ٢٣٩٣.
(٣) آل عمران : ١٠٣.
(٤) الصحاح : ج ٣ ص ١٣٣٦.
(٥) سورة التوبة : ١٠٩.
(٦) الصحاح : ج ٢ ص ٨٥٦.