فوضعها فوق الأرض ثم نسب الخليقتين فرفع السماء قبل الأرض فذلك قوله عز ذكره
______________________________________________________
على لون الماء الأخضر ، وكانت الأرض غبراء على لون الماء العذب وكانتا مرتوقتين ليس لهما أبواب ، ولم تكن للأرض أبواب وهو النبت ولم تقطر السماء عليها فتنبت ففتق السماء بالمطر ، والأرض بالنبات وذلك قوله عز وجل « أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما ».
فقال الأبرش : والله ما حدثني بمثل هذا الحديث أحد قط أعد علي فأعاد عليه وكان الأبرش ملحدا فقال : وأنا أشهد أنك ابن نبي الله ثلاث مرات (١) ، ولعل مراده عليهالسلام بقوله : « من غير نار » كون ارتفاع الدخان بعد خمود النار أو المراد أنه لم يرتفع مع الدخان أجزاء نارية ، قوله تعالى : « السَّماءُ بَناها » (٢).
قال البيضاوي : ثم بين البناء فقال : « رَفَعَ سَمْكَها » أي جعل مقدار ارتفاعها من الأرض أو ثخنها الذاهب في العلو رفيعا « فَسَوَّاها » فعدلها أو فجعلها مستوية أو فتممها بما يتم به كمالها من الكواكب والتداوير وغيرها ، من قولهم سوى فلان أمره إذا أصلحه « وَأَغْطَشَ لَيْلَها » أظلمه منقول من غطش الليل إذا أظلم ، وإنما أضافه إليها لأنه يحدث بحركتها « وَأَخْرَجَ ضُحاها » وأبرز ضوء شمسها كقوله تعالى « وَالشَّمْسِ وَضُحاها » يريد النهار « وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها » بسطها ومهدها.
للسكنى (٣).
قوله عليهالسلام : « ولا شمس ولا قمر » أي لم يكن لها في أول خلقها شمس ولا قمر ولا نجوم ، ولذا « رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها » فكان حصول هذه الأمور لها بعد خلقها ، وكانت في بدو خلقها قبل رفعها ووضعها وترتيبها خالية عن جميع ذلك.
قوله عليهالسلام : « ثم نسب الخليقتين » أي رتبهما في الوضع ، وجعل إحداهما
__________________
(١) بحار الأنوار : ح ٥٧ ص ٧٢ ح ٤٧.
(٢) سورة النازعات : ٢٧.
(٣) أنوار التنزيل : ج ٢ ص ٥٣٨. « ط مصر ».