الجاهلون وبعظمته ونوره ابتغى من في السماوات ومن في الأرض إليه الوسيلة بالأعمال المختلفة والأديان المتضادة فمصيب ومخطئ وضال ومهتد وسميع وأصم وبصير وأعمى حيران فالحمد لله الذي عرف ووصف دينه محمد صلىاللهعليهوآله أما بعد
______________________________________________________
ما لا يليق بذاته وصفاته تعالى ، ويحتمل أن يكون المراد أن كثرة النور تمنع عن إدراك القاصرين ، وفرط الظهور يغلب على مدارك العاجزين ، فكما أن الخفاش لضعف بصره لا ينتفع بنور الشمس فكذا الأذهان القاصرة لضعفها نوره الباهر يغلب عليها فلا تحيط به.
وبعبارة أخرى : لما كان تعالى في غاية الرفعة والنور والعظمة والجلال ، والجاهلون في نهاية الانحطاط والنقص والعجز ، فلذا بعدوا عن معرفته لعدم المناسبة فأنكروه وحصل بينهم وبينه تعالى بون بعيد ، فجحدوه فضعف بصيرتهم حجبهم عن أنوار جلاله ونقصهم منعهم عن إدراك كماله.
قوله عليهالسلام : « وبعظمته ونوره ابتغى من في السماوات » إلى آخره ـ وهذه الفقرة قريبة في المال من الفقرة السابقة ، والحاصل أن عظمته ونوره وظهوره دعت العباد إلى الإقبال إلى جنابه ، لكن لفرط نوره وعظمته وجلاله ، ووفور جهلهم وقصورهم وعجزهم صاروا حيارى ، فيما يتوسلون به إليه من الأعمال والأديان ، فمنهم مصيب برشده ، ومنهم مخطئ بغيه فكل منهم يطلبونه ، لكن كثير منهم أخطأ والسبيل ، وضلوا عن قصد الطريق ، فهم يسعون على خلاف جهة الحق عامهين ، ويتوسلون بما يبعدهم عن المراد جاهلين.
قوله عليهالسلام : « عرف ووصف دينه محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم » كذا في بعض النسخ فقوله عرف بتخفيف الراء أي عرف محمد دينه ووصفه ، وفي بعض النسخ عز ووصف أي عز هو تعالى ووصف للخلق دينه محمد ، وفي بعض النسخ محمدا بالنصب فعرف بتشديد الراء والأول أظهر وأصوب.