بعض فإن أعداء الله إن استطاعوا صدوكم عن الحق فيعصمكم الله من ذلك فاتقوا الله وكفوا ألسنتكم إلا من خير.
وإياكم أن تزلقوا ألسنتكم بقول الزور والبهتان والإثم والعدوان فإنكم إن كففتم ألسنتكم عما يكرهه الله مما نهاكم عنه كان خيرا لكم عند ربكم من أن تزلقوا ألسنتكم به فإن زلق اللسان فيما يكره الله وما ينهى عنه مرداة للعبد عند الله ومقت من الله وصم وعمى وبكم يورثه الله إياه يوم القيامة فتصيروا كما قال الله : « صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ » (١) يعني لا ينطقون « وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ » (٢) وإياكم وما نهاكم الله عنه أن تركبوه وعليكم بالصمت إلا فيما ينفعكم الله به من أمر
______________________________________________________
المجاملة والصبر على أذاهم والتقية ، وهم لا يقدرون على الصبر ولا على صدكم عن الحق فليس لهم حيلة إلا وسوسة بعضهم إلى بعض في إيذائكم والإغراء بكم ثم اعلم أنه يظهر من بعض النسخ المصححة أنه قد اختل نظم هذا الحديث وترتيبه بسبب تقديم بعض الورقات وتأخير بعضها ، وفيها قوله : « ولا صبر لهم على شيء » متصل بقوله : فيما بعد « من أموركم » هكذا : « ولا صبر لهم على شيء من أموركم تدفعون أنتم السيئة » إلى آخر ما سيأتي ، وهو الصواب ، وسيظهر لك مما سنشير إليه في كل موضع من مواضع الاختلاف صحة تلك النسخة ، واختلال النسخ المشهورة.
قوله عليهالسلام : « وإياكم أن تزلقوا » بالزاء المعجمة في القاموس : زلق كفرح ونصر : زل وفلانا أزله كأزلقه ، وفي بعض النسخ بالذال المعجمة (٣) ، وزلاقة اللسان : زرابته وحدته وطلاقته ، والأول أظهر ، وقول الزور : الكذب.
قوله عليهالسلام : « مرادة » بغير همز مفعلة من الردى بمعنى الهلاك قوله تعالى : « فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ » في بعض النسخ « لا يَعْقِلُونَ » وكلاهما في سورة البقرة ، والتفسير بالأول أنسب أي لا يرجعون إلى النطق والكلام ، وقال البيضاوي (٤) : أي لا يعودون إلى الهدي الذي باعوه وضيعوه ، أو عن الضلالة التي اشتروها ، أو فهم متحيرون لا يدرون
__________________
(١) سورة البقرة : ١٨.
(٢) سورة المرسلات : ٣٦.
(٣) القاموس المحيط : ج ٣ ص ٢٤٢.
(٤) أنوار التنزيل : ج ١ ض ٢٩ ط مصر ١٣٨٨.