آخرتكم ويأجركم عليه وأكثروا من التهليل والتقديس والتسبيح والثناء على الله والتضرع إليه والرغبة فيما عنده من الخير الذي لا يقدر قدره ولا يبلغ كنهه أحد فاشغلوا ألسنتكم بذلك عما نهى الله عنه من أقاويل الباطل التي تعقب أهلها خلودا في النار من مات عليها ولم يتب إلى الله ولم ينزع عنها وعليكم بالدعاء فإن المسلمين لم يدركوا نجاح الحوائج عند ربهم بأفضل من الدعاء والرغبة إليه والتضرع إلى الله والمسألة له فارغبوا فيما رغبكم الله فيه وأجيبوا الله إلى ما دعاكم إليه لتفلحوا وتنجوا من عذاب الله وإياكم أن تشره أنفسكم إلى شيء مما حرم الله عليكم فإنه من انتهك ما حرم الله عليه هاهنا في الدنيا حال الله بينه وبين الجنة ونعيمها ولذتها وكرامتها القائمة الدائمة لأهل الجنة أبد الآبدين.
______________________________________________________
أيتقدمون أم يتأخرون وإلى حيث ابتدءوا منه كيف يرجعون ، قوله عليهالسلام « والتقديس » هو والتسبيح مترادفان ، أو متقاربان ، ويمكن حمل التسبيح على قول سبحان الله ، والتقديس على قول الله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وسائر ما يدل على تنزيهه. تعالى من أن يكون له شريك في الكبرياء أو في العظمة أو في القوة والحول ، والثناء يشمل الحمد لله وغيره ، قوله : « لا يقدر » على البناء للمجهول أو المعلوم على التنازع ، أي لا يقاس بغيره ولا يوصف حق وصفه ، ولا يبلغ إلى رفعة شأنه ، كقوله تعالى « وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ » (١) والمراد نعيم الآخرة أو الأعم منه ومن درجات القرب والكمال.
قوله عليهالسلام : « فاشغلوا » في القاموس (٢) : شغله كمنعه شغلا وبضم وأشغله لغة جيدة أو قليلة أو رديئة.
قوله عليهالسلام : « ولم ينزع منها » في القاموس (٣) : نزع عن الأمر نزوعا : انتهى عنها.
قوله عليهالسلام : « إلى ما دعاكم إليه » أي الدعاء ، ويحتمل التعميم قوله « وإياكم أن تشره » في القاموس (٤) : شره كفرح : غلبه حرصه.
قوله عليهالسلام : « فإنه من انتهك » في النهاية (٥) : انتهكوا : أي بالغوا في خرق محارم الشرع وإتيانها.
__________________
(١) سورة الأنعام : ٩١. (٢) القاموس المحيط : ج ٣ ص ٤٠١ ( ط مصر ).
(٣) نفس المصدر : ج ٣ ص ٨٨.
(٤) نفس المصدر : ج ٤ ص ٢٨٦.
(٥) النهاية : ج ٥ ص ١٣٧.