ومضىٰ ، وعلىٰ
يده باز أشهب يطلب به الصيد. فلما بعد عنه نهض عن يده الباز فنظر يمينه وشماله لم ير صيداً ، والباز
يثب عن يده ، فأرسله وطار يطلب الأفق حتىٰ غاب عن ناظره ساعة ثم
عاد إليه وقد صاد حية ، فوضع الحية في بيت الطعم ، وقال لأصحابه : قد دنا
حتف ذلك الصبي في هذا اليوم علىٰ يدي ، ثم عاد وابن الرضا في جملة
الصبيان. فقال : ما عندك من أخبار السموات ؟ فقال : « نعم يا أمير
المؤمنين ، حدثني أبي ، عن آبائه ، عن النبي ، عن
جبرئيل
، عن ربِّ العالمين ، أنّه قال : بين السماء والهواء بحر عجاج يتلاطم به
الأمواج
، فيه حيّات خضر البطون ، رقط الظهور ، ويصيدها الملوك بالبزاة
الشهب
يمتحن بها العلماء ». فقال : صدقت ، وصدق آباؤك ، وصدق جدّك ،
وصدق ربك. فأركبه ثم زوّجه أُمّ الفضل (١). بعد ذلك اللقاء والحوار الحاسمين أدرك
المأمون عظمة هذا الصبي ، وبُعد شأوه.. فاصطحبه معه إلىٰ قصوره حيث
الرفاه ونعومة العيش وطراوة الحياة باستبرقها وجواريها وقيانها.. لكن الخليفة علم أن الصبي لا تستهويه فخامة الخدمة ، وأبّهة الملوك كثيراً ، ولم يسترع انتباهه الجمال الفاتن لحظة.. فقرر ـ وفي مناورة سياسية حاذقة ـ اصطياد ثلاثة في رمية واحدة ، ورميته هي أن يزوجه من ابنته الجميلة الصغيرة ( زينب ) المكناة بأم الفضل ، ________________ ١)
مناقب آل أبي طالب ٤ : ٣٨٨ ـ ٣٨٩. أما رواية ابن الصباغ في الفصول المهمة : ٢٥٢ ، والشيخ
المحدِّث القمي في منتهى الآمال ٢ : ٥٢٧ ـ ٥٢٨ عن مستدرك العوالم ٢٣ : ٥٢٢. وبحار
الأنوار ٥٠ : ٥٦ فهي تختلف عن هذه في بعض أحداثها ، فراجع.