إعاقة بقاء نهجهم المحمدي ظاهرين على من خالفهم ، متمسكين بالقيم الإسلامية الصافية ، باذلين من أجلها النفس والمال والولد.
لم يكن من السهل عليّ أنْ أجدَ هذا الدليل إلّا من بعد جهد ومعاناة طالت سنوات وأشهراً ، وقفت فيها أيضاً على أنّ بقيّة الخطوط الإسلاميّة كانت على صنفين :
الصنف الأول : المذاهب التي تأسست بعد وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآله بأجيال عديدة ، لم يتحقق لهم فيها ظهور ، بقي منها من بقي بسبب دعم الحكّام لبعضها خدمة لأغراضه ، ومناوئة لأهل الحقّ من المحاربين لسياسات أولئك الحكام الظلمة ، اُذكر منها : المذاهب الأربعة في الفروع ومذهب الأشعريّ في الأصول ، والتي تناسل منها عدد آخر من الفرق كالوهابيّة والجماعات التكفيريّة كتنظيم القاعدة ، وجماعات التكفير والهجرة المنضوية تحت مظلّة السلفيّة.
الصنف الثاني : المذاهب التي تأسّست أيضاً بعد وفاة النبي صلىاللهعليهوآله ، منقطعة عن عصره ، واندثرت بسبب عدم دعم الحكّام لها ، فأفِلت ولم يعد لها وجود ، لانتهائها بانتهاء أصحابها والأمثلة عديدة أسوق منها : مذهب الليث ، والأوزاعي وسفيان الثوري وابن عيينة وابن حزم. وتيقنت أنّ المذهب الذي كنت أعتنقه ، وهو مذهب مالك ابن أنس ، لم يكن ليجد سبيلاً إلى الوجود لولا أبو جعفر المنصور العباسي ، الذي أمر مالكاً أن يكتب له كتاباً يواطىء عليه الناس ، في مسعى منه لصفّهم عن الإمام أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق ، أستاذه الذي درس على يديه باتّفاق أهل العلم ، ولم يسطع نجم مالك هذا إلّا بعد الدعم المتواصل للعباسيين له ، حيث كان ينادى « لا يفتى ومالك في المدينة ». والحال أنّ المدينة تعجُّ بشيوخ وأساتذة مالك ممّن لا يرضون بالركون إلى الظالمين.
ولم يكن لجوء المنصور إلى مالك إلّا بعد
أنْ أسقط من يديه محاولة تقريب