الصافي الذي جاء به جدّهم صلىاللهعليهوآله ، الرواية تقول : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحقّ لا يضرّهم من خالفهم حتّى يأتي أمر الله وهم كذلك ». أخرج الحديث مسلم والبخاري وغيرهم (١) ، متفقين على صحة صدوره عن النبي صلىاللهعليهوآله ، وبذلك ينقطع سبب الطعن فيه.
وبالنظر إلى متن الحديث ، نرى أنّ في كلام رسول الله صلىاللهعليهوآله ، إخبار بأنّ الدين الذي جاء به ، والذي عبّر عنه بالحقّ ، سيكون ملاكه طائفة من أمّته ، دون بقيّتها ، وهم في حال من الظهور والبروز ، بشكل جليّ في حاضرة الساحة الإسلامية ، وفي وسط مجتمعاتها على مرّ العصور ، دون انقطاع من عصر النبوة إلى أنْ يأتي أمر الله تعالى ، لا يلحقهم ضرر من مخالفيهم مهما أوتوا من فنون التمويه والمكر والخداع والتزوير ، لأنّ الدين الذي تبنوه هو دين الله ، والكلمة التي ألزموا بها أنفسهم هي كلمته سبحانه وتعالى.
ونظرت في دائرة النبي صلىاللهعليهوآله ، فلم أجد غير عليّ عليهالسلام عنصراً يحمل عنوان تلك الطائفة ، ورمزاً يؤكّد ذلك الظهور غير المنفك عن العصر النبوي ، رافعاً شعار أحقيته في قيادة الأمة الإسلامية ، مدللاً على ذلك بجملة من الأفعال التي اقرّ بها المخالفون له ، اعترافاً منهم بالعجز عن حلّ المعضلات التي ليس لها أبو الحسن (٢).
وورث النهج العلويّ أبناء عليّ عليهالسلام ، إماما الرحمة ، وسبطا الهدى ، وسيدا شباب أهل الجنّة الحسن والحسين عليهماالسلام ، ومن بعدهما جاء بقيّة أسباط الأمّة من النسل الطاهر عليهمالسلام ، وتبعهم شيعتهم البررة في كلّ العصور ، متحدين كلّ عوامل
_________________
(١) انظر الحديث بالفاظه المتفاوتة في : صحيح مسلم ٦ : ٥٢ ، ٥٣ ، ٥٤ وصحيح البخاري ٨ : ١٤٩ وسنن الترمذي ٣ : ٣٤٢ ، وغير ذلك من المصادر.
(٢) انظر الطبقات الكبرى ٢ : ٣٢٩ والاستيعاب في معرفة الاصحاب ٣ : ١١٠٢ ـ ١١٠٣.