للبسطاء إمكانيّة التمييز بين الحقّ والباطل ، والصحيح والمكذوب.
فقد كان من اليسير على الترمذي مثلاً أنْ يعترف بأنّ أهل البيت عليهمالسلام هم معدن النبيّ صلىاللهعليهوآله ، لا يجب أن يقاس بهم أحد ، لأنّ الله تعالى اصطفاهم على العالمين ، وأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً كما صرّحت بذلك الآية الكريمة : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (١) لكنّ الرجل كان متّبعاً لمنهج المناوئين لأهل بيت النبيّ صلىاللهعليهوآله ، ومنساقاً وراء تيار المتنكرين لمكانتهم في الأمّة.
فمقايسة الخليفة الأوّل بعليّ عليهالسلام بالنسبة لي هي من باب محاكاة التبر بالتراب ، وتقديم ابنته على أساس أنّها زوجة النبي صلىاللهعليهوآله ووضعها في مقام سابق لفاطمة الزهراء سيّدة نساء العالمين عليهاالسلام جرأة على الله ورسوله لا يقدم عليها غير من عميت بصيرته ، وهان عليه دينه.
ولم أكن أعرف أنّ بتفضيلي لعليّ وفاطمة عليهماالسلام على غيرهما ، أنّني نسبت نفسي إلى التشيّع لأهل البيت عليهمالسلام دون أن أشعر ، لأنّ المسلم المتسنّن عرفاً واصطلاحاً لا يقدّم غير الخليفة الأول وابنته ، وهكذا كانوا يُميّزون بين من هو تابع لهذا الخطّ أو ذاك في علم الرجال ، وما يسمى أيضاً بعلم الجرح والتعديل ، وكم من حافظ أو راو للحديث ردّت روايته ، وطعن في حفظه ; لمجرّد تقديمه لعليّ عليهالسلام على غيره ممّن عاصر النبي صلىاللهعليهوآله ، وكم من راو أو حافظ وُثق وعدّل لمجرّد تقديمه للخليفة الأوّل والثاني ، دونما التفات إلى مسألة مودّة قربى النبيّ صلىاللهعليهوآله التي لا تجيز تقديم المفضول على الفاضل ، وترى أنّ مجرّد المقايسة بين من اصطفاه المولى سبحانه وتعالى ورفع ذكره مع النبيّ صلىاللهعليهوآله ، هو تجاهل لإرادة الباري تعالى في تفضيله وتقديمه واختياره.
_________________
(١) الأحزاب : ٣٣.