لقد كانت بداية اكتشافي لحقيقة مودّة أهل البيت عليهمالسلام عند الشيعة ، الذين كنت معتقداً فيما مضى أنّهم فرقة خارجة عن الإسلام ، بحسب ما حصلته من الخطّ السنّي الذي كنت من بين أفراده ، عندما شاهدت صدفة محاضرة إسلاميّة لأحد علماء الشيعة في إحدى الفضائيات ، لقد كانت محاضرة قيّمة وقفت من خلالها على القيمة العلمية التي يختزنها ذلك العالم الشيعي ، إلّا أنّني سرعان ما اصطدمت بخاتمة المحاضرة التي أثار فيها المحاضر فاجعة كربلاء ، فأبكى الناس من حوله ، وأبكاني معهم بكاءً شديداً لم أبك مثله من قبل ; لأنّني كنت مغيّباً عن تفاصيل واقعة « الطف » ، شأني في ذلك شأنُ بقيّة المسلمين المخالفين لخطّ أهل البيت عليهمالسلام ، وكان تأثري بما سمعته من سرد لبعض لقطات ومشاهد الواقعة كبيراً ، فقررت بعد ذلك أنْ أبحث عن حقيقة الأمر بخصوص مودّة قربى النبيّ صلىاللهعليهوآله ، أيّها الحقيقية ؟ ما يدّعيه هذا الطرف ؟ أو ما يتشبّث به الطرف الآخر ؟ وبناءً على ذلك أتّخذ قراري في اتّباع الأولى والأقرب إلى الله ورسوله في الطاعة.
وجدت في عدد من التفاسير التي اعتمد أصحابها المدرسة السنيّة مذهباً ومنهجاً ، نصوصاً تؤكد على ثبوت نزول الآية في عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهمالسلام ، وكان الإجماع على تلك الفريضة ممّا لم يختلف فيه اثنان.
وزاد في حيرتي أنْ عثرت يوماً في إحدى
المكتبات على كتاب « مقاتل الطالبيين » لأبي الفرج الأصفهاني ، جمع فيه مؤلفه أسماء المشهورين من آل أبي طالب ممّن قتل في العهدين الأموي والعباسي ، بسبب انتمائه الفكري والعقائدي إلى أهل بيت النبيّ صلىاللهعليهوآله.
وهالني وأنا أتصفح الكتاب ذلك العدد من الشهداء الذين قضوا دفاعاً عن الإسلام وليس دفاعاً عن شرفهم وانتسابهم ، فقد كان قاتلوهم يرون فيهم خطراً محدقاً بعروشهم ، بسبب أحقيّتهم في قيادة الأمّة الإسلاميّة ،