المرجعية والعمل بمقتضى هديها جزئيّاً من طرف الخلفاء الثلاثة الأوائل ، كلّ حسب ضرورته التي أُلجىء إليها ، ولعل أبلغ ما قيل مكررا في ذلك : « لولا علي لهلك عمر » (١).
كلّ ذلك يمثّل أدلّة على أحقيّة أهل البيت عليهمالسلام في قيادة الأمّة الإسلاميّة ، وبطلان الحكومات التي اغتصبت الحكم بدعوى اختيار الناس والشورى.
وكلّ من أنكر مرجعيّة أهل البيت عليهمالسلام ، أو حصرها في المسائل الدينيّة ، دون بقيّة المطالب التي تخصّها ، والتي تؤسّس في جميع أبوابها مقام الإمامة العامّة في الأمّة ، لم يفهم غاية الوحي من حديث الثقلين ، أو إنّه من أتباع أولئك الذين وقفوا في وجه النبيّ صلىاللهعليهوآله لمنعه من كتابة وصيّته للأمّة. لذلك يمكنني القول : إنّني بفضل حديث الثقلين عرفت طريقي إلى الله ، وأدركت تكليفي في موالاة الأئمة الاثني عشر الأطهار الذين نصّ النبيّ على كونهم خلفاءه وأئمته في أمّته من بعده ، فواليتهم في الدنيا والآخرة ، وتقربت إلى الله تعالى بمحبتهم واتّباعهم والتشيّع إليهم ، تأسيّاً بتشيّع إبراهيم لنوح عليهماالسلام ، قال تعالى : ( وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ * إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) (٢).
أحمده تعالى على أنْ هداني إلى هذه المنّة العظيمة ، التي لا يعرف قيمتها ، ولا يدرك حقيقتها ، إلّا من آوى إلى ركنها ، واعتصم بحبلها ، واستمسك بعروتها ، وأسأله سبحانه أنْ يمنّ على بقيّة الأمّة الإسلاميّة ، بالرجوع إلى الأئمّة الهداة عليهمالسلام ، ليعود للدين مجده الذي كان على عهد النبيّ الأعظم صلىاللهعليهوآله ، وتفوح زهرته ، وتينع ثمرته ، لتكون مصداق الرحمة المرجوّة ، وعنوان الخلق العظيم.
_________________
سلوني ، إلّا علي » أرسله الذهبي إرسال المسلمات في تاريخ الإسلام : وفيات ( ١١ ـ ٤٠ هـ ) ص ٦٣٨.
(١) الاستيعاب ٣ : ١١٠٣.
(٢) الصافات : ٨٣ ـ ٨٤.