فاعلم أنّ ما روّج على الشيعة من أقاويل ليس لها إثبات على أرض الواقع ، وهي مدعاة للسخرية والاستخفاف بمن يعتقدها ، وترك العلم واتّباع الظنّ يؤدّي دائماً بصاحبه إلى التفريط في الحقيقة والابتعاد عنها ، قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ) (١) ونصيحة الباري تعالى هذه جاءت لغلق الباب أمام عامل الظن ، لأنّه وسيلة واهمة لا توصل صاحبها إلى علم أبدا.
أمّا ما تُقوّل على الشيعة بشأن جبريل عليهالسلام لا أساس له من الصحّة ، وأجزم لك بأنّ مخترع تلك الدعاية المغرضة لقيط من أبناء عواهر زمن انحطاط الأمّة ، والمستأنس بذلك القول ليس له عقل يميّز به ، ولا فكر مستنير ليسترح إليه ، أمّا دعوى تحريف القرآن فقد قال الإمام جعفر بن محمد الصادق سادس أئمّة أهل البيت عليهمالسلام في معرض حديثه عن الذين انحرفوا عن نهج أهل البيت عليهمالسلام : « .. وأقاموا حروفه ، وحرّفوا حدوده » (٢). في إشارة إلى أنّ غير أتباعه وشيعته هم الذين حرّفوا تفسير الكتاب العزيز ، نزولاً عند إرادة ورغبة حكّامهم. ثمّ إن جميع الفرق الإسلاميّة نقلت روايات التحريف في القرآن ، غير أنّ علماء الشيعة كالشيخ الكليني أفردها في باب النوادر ، تصغيراً لشأنها ، بينما نقلها من تسمّوا بأصحاب الصحاح في أبواب الفقه دون تخصيص ولا إفراد.
أمّا إن ابن سبأ على حسب الدعوى المطلقة فقد عاش في زمن الإمام عليّ عليهالسلام ، وكان بحسب تلك الأقاويل من أتباعه والدعاة إلى إمامته وإمامة أبنائه ، فلو كان موجوداً وجاء بمفتريات قد تسهم في تحريف الدين وتقويض أسسه لشهّر به ، وحذّر منه ، ولتبرّأ من مفترياته ، وسيرة عليّ عليهالسلام في عدم الاعتماد على المشكوك في صدقيتهم ونزاهتهم غير خافية على ذوي الأفهام ،
_________________
(١) الحجرات : ١٢.
(٢) الكافي ٨ : ٥٣.