الدعاء المُبوّب فيه ، وتناسق ألفاظه ، ودقّة معانيه ، وعمق مطالبه ، والذي لم أقرأ عنه من قبل ، ولا سمعت به ، على مدى سِنيّ مطالعاتي ، ولا حتّى في المساجد التي كنت أرتادها مدّة طويلة طويلة ، وأصلّي فيها جماعة الصلوات الخمس ، أصابتني دهشة كبرى لمّا وقعت عليه عيناي ، واستغربت من تجاهل المسلمين ـ الذين أعيش بينهم ـ لهذه الأدعية وتجنبهم لها ، ثمّ التفتّ إلى كتاب آخر يحملُ عنوان مُهج الدعوات ، وهو مجلّد كبير ، جمع فيه مؤلّفه السيد ابن طاووس رضياللهعنه ، لباب الأدعية وزبدتها ، نقلاً عن النبي الأعظم صلىاللهعليهوآله ، والأئمّة الهداة من أهل بيته عليهمالسلام ، وامتدت يدي إلى كتاب البلد الأمين للكفعمي ، ثمّ إلى كتاب مصباح المتهجّد للشيخ الطوسي ، ثمّ إلى كتاب مفاتيح الجنان للشيخ عباس القمّي ، ثمّ إلى كتاب جمال الأسبوع والإقبال للسيّد ابن طاووس وغيرها من كتب الأدعية التي وجدتها إلى حدّ يزيد عن الكفاية.
لم يعد للوقت عندي قيمة في تلك اللحظات ، فقد ذهلت عنه بما عثرت عليه من ذخائر لا تقدّر بثمن ، وبقدر ما تملّكني إحساس بالفرح لما عثرت عليه ، بقدر ما علت نفسي كآبة على الإهمال والتجاهل لهذا التراث العظيم الذي بقي المسلمون الشيعة ينعمون به لوحدهم قروناً طويلة ، وتمنيت لو أنّ هذه الأدعية والمناجات كانت منحه عند جميع المسلمين ، ولكن ما كلّما يتمنّى المرء يُدركه ، فالمانع الذي حال دون ذلك ، هو الأنظمة التي حكمت على أهل البيت عليهمالسلام وشيعتهم بالخروج عن سلطانها ، فأعلنت الحرب عليهم بكلّ الوسائل ، والتي منها منع تداول تراثهم بين المسلمين ، وإرهاب أو قتل كلّ مَن تجرّأ على عصيان أمر ذلك الحظر.
الأمثلة التي يمكنني أنْ أسوقها للتعريف
بعظمة دعاء أئمّة أهل البيت عليهمالسلام
، دعاء كميل الذي علّمه أمير المؤمنين عليّاً عليهالسلام
صاحبه كميل بن زياد النخعي ،