بعدما طلّق الدنيا ثلاثاً ، هم أو مطمح دنيوي ؟ ألم تكن فدك في أيديهم أكثر من سنتين ، ومع ذلك لم يخزنوا من نتاجها شيئا ، ولا أثر عنهم طرق وأساليب الناس في جمع الحطام ؟ دأب ذلك البيت دائما الإنفاق في سبيل الله ، بطريقة لا يستطيعها غيرهم ، يعطون عطاء من لا يخشى الفقر ، تارة يخرجون من أموالهم كلّها ، وتارة يقاسمونها الله تعالى ، كما أثر عنهم عليهمالسلام ، فهم أهل آخرة لا يهمهم من الدنيا إلّا مقدار ما يوصلهم إلى غايتهم ، ومن هنا جاء سبب حجب حقوقهم عنهم ، لئلّا يستميلوا بها سواد الناس ، وتكون لهم عونا على استرداد أحقيتهم في الحكم.
لقد مضى والدها صلىاللهعليهوآله بين هؤلاء كالحلم ، فلم يفهموه ولا فهموا مقامه ، إلّا قليل من المؤمنين ، وقد لقي من عجرفتهم وتعنتهم واستكبارهم ما لقي ، على قصر المدة التي قضاها بينهم ، فهل تراهم يقدّرون ابنته عليهاالسلام ، ويضعونها موضعها الذي تستحق ؟
لم يكن شي من ذلك ، بل لقد حصل الأسوأ ، كأنّما قدر هذه الأمة أن تحذو حذو بقيّة الأمم في التنكر لأنبيائهم ، وتحريف أحكام الشريعة ، وتطويعها حسب مشيئة هذا الحاكم أو ذاك.
أهمّ ما قال النبي صلىاللهعليهوآله في شأنها :
واصل أحمد حديثه فقال : مضافاً إلى كون فاطمة الزهراء من أهل البيت الذين نزلت فيهم آية التطهير ، وتحديد النبي صلىاللهعليهوآله لعدد هؤلاء كما صرّحت بذلك كلّ من عائشة وأم سلمة ، وهم محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهمالسلام. فقد صرّح والدها صلىاللهعليهوآله في شأنها بقوله : « فاطمة بضعة منّي ، فمن أغضبها أغضبني » (١).
وقد ماتت الصدّيقة شهيدة من جرّاء الضرر الذي لحقها من اقتحام الغاصبين لبيتها ، غاضبة على أولئك الذين تعاونوا على صرف الحكومة عن زوجها الأولى
_________________
(١) صحيح البخاري ٤ : ٢١٠.