فلمّا أردت الانصراف اُقعدت عند تلك الفرجة ، ثمَّ نوديت يا محمّد إنَّ ربّك يقرأ عليك السلام ، ويقول : أنت أكرم خلقه عليه ، وعنده علم قد زواه عن جميع الأنبياء ، وجميع اُممهم غيرك وغير اُمّتك ، لمن ارتضيت لله منهم أن ينشروه لمن بعدهم ، لمن ارتضوه الله منهم أنّه لا يضرّهم بعد ما أقول لك ذنب كان قبله ، ولا مخافة ما يأتي من بعده ، ولذلك اُمرت بكتمانه ، لئلّا يقول العالمون : حسبنا هذا من الطاعة .
يا محمّد قل لمن عمل كبيرة من اُمّتك فأراد محوها ، والطهارة منها ، فليطهّر لي بدنه وثيابه ، ثمَّ ليخرج إلى بريّة أرضي ، فليستقبل وجهي ، يعني القبلة حيث لا يراه أحد ثمَّ ليرفع يديه إليّ فانّه ليس بيني وبينه حائل ، وليقل :
« يا واسعاً بحسن عائدته ، ويا ملبسنا (١) فضل رحمته ، ويا مُهيباً لشدَّة سلطانه ويا راحماً بكلّ مكان ضريراً أصابهُ الضرُّ فخرج إليك ، مستغيثا بك آئباً إليك هائباً لك ، يقول عملت سوءاً وظلمتُ نفسي ولمغفرتك خرجت إليك أستجير (٢) بك في خروجي من النار ، وبعزِّ جلالك تجاوزت تجاوز (٣) يا كريم .
وباسمك الّذي تسمّيت به ، وجعلته في كلِّ عظمتك ومع كلِّ قدرتك ، وفي كلِّ سلطانك ، وصيرتهُ في قبضتك ، ونوَّرتهُ بكتابك ، وألبستهُ وقاراً منك ، يا الله يا الله أطلب إليك [ أن تصلّي على محمّد وآل محمّد و ] أن تمحو عنّي ما أتيتك به (٤) وانزع بدني عن مثله ، فانّي بك لا إله إلّا أنت أعتصم وباسمك الّذي فيه تفصيل الاُمور كلّها مؤمن ، هذا اعترافي لك فلا تخذلني ، وهب لي عافية وانجني (٥) من الذنب العظيم هلكت (٦) فتلافني بحقِّ حقوقك كلّها يا كريم » .
فانّه إن لم يرد بما أمرتك به غيري خلّصتهُ من كبيرته تلك ، حتّى أغفرها
______________________
(١) يا ملبساً خ ل .
(٢) استجرت بك خ ل .
(٣) فتجاوز خ ل . |
(٤) أتيت بيدي خ ل . |
(٥) نجني خ ل . |
(٦) الذي هلكت فيه خ ل . |