تحرير تلك الوصيَّة علىٰ الورق ؛ لكي لا تكون حجَّة ينتفع بها غيرهم.
فمتىٰ أوصىٰ الرسول قبل مرضه ؟
هناك أكثر من موضع أدلىٰ فيه الرسول بما يريده في هذا الصدد ، وفيه كله يخرج حديثه مخرج الوصية ، بكل إيحاءاتها وكامل فحواها :
١ ـ ففي بواكير دعوته ، في الحديث الشهير بحديث الانذار ، أو حديث الدار ، قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « يا بني عبد المطّلب ، والله ما أعلم شاباً في العرب جاء قومه بأفضل ممّا قد جئتكم به ، إنّي جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه ، فأيّكم يؤازرني على هذا الأمر ، على أن يكون أخي ، ووَصِيّي ، وخليفتي فيكم ؟ ».
قال عليّ عليهالسلام ـ والرواية عنه ـ فأحْجَم القوم عنها جميعاً ، وقلت ـ وأنا لأحدثهم سِنّاً ـ : أنا يا نبيّ الله أكون وزيرك عليه.
فأخذ برقبتي ، ثمّ قال : « إنّ هذا أخي ، ووصيّي ، وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا ».
قال : فقام القوم يضحكون ، ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع (١).
٢ ـ وفي أواخر أيام دعوته ، في أيام حجة الوداع ، وفي خطبة الغدير المشهورة قال صلىاللهعليهوآلهوسلم لأصحابه : « ألست أولىٰ بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا : بلى ، قال : فمن كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه ، اللَّهمَّ والِ من والاه ، وعادِ من عاداه ، واخذل من خذله ، وانصر من نصره » وحديث الغدير هذا حديث صحيح (٢) قد بلغ حدّ التواتر عند جميع
__________________
(١) تاريخ الطبري ٢ : ٢١٧ ، الكامل في التاريخ ٢ : ٦٢ ـ ٦٤ ، السيرة الحلبيّة ١ : ٤٦١ ، معالم التنزيل / البغوي ٤ : ٢٧٨ ، شرح نهج البلاغة ١٣ : ٢١٠.
(٢) أنظر : مسند أحمد ٤ : ٢٨١ ، ٣٦٨ ، صحيح مسلم ـ كتاب فضائل الصحابـة