وعلى أنّ تقديم أحد العامين من وجه على الآخر من باب الترجيح السندي ، وسيأتي (١) الكلام على ذلك عند التعرّض لما أورده على مسلك الشيخ قدسسره.
وأمّا إيراده الثالث ففيه : أنّه بعد تسليم عدم انقلاب النسبة ، وبقاء كلّ من العامين من وجه بحاله من الظهور في الشمول لمورد الاجتماع ، يمكن الفرق في العام المخصّص بين حاله قبل التخصيص وحاله بعده ، فإنّ حاله بعد التخصيص وخروج مورد الانفراد عنه بالتخصيص يكون موجباً لكونه كالنصّ في مورد الاجتماع ، فلا يمكن أن يقدّم عليه العام الآخر في المورد المذكور أعني مورد الاجتماع.
قال الشيخ قدسسره : وقد يحدث الترجيح كما إذا ورد أكرم العلماء ، ولا تكرم فسّاقهم ، ويستحبّ إكرام العدول ، فإنّه إذا خصّ العلماء بعدولهم يصير أخصّ مطلقاً من العدول ، فيخصّص العدول بغير علمائهم ، والسرّ في ذلك واضح ، إذ لولا الترتيب في العلاج لزم إلغاء النصّ أو طرح الظاهر المنافي له رأساً ، وكلاهما باطل (٢).
قال المرحوم الميرزا موسى في حاشيته : قوله لزم إلغاء النصّ الخ ، لأنّ قولنا أكرم العلماء دليل عارضه دليلان ، أحدهما على وجه العموم والخصوص مطلقاً وهو قولنا لا تكرم فسّاقهم ، والآخر على وجه العموم والخصوص من وجه وهو قولنا يستحبّ إكرام العدول ، وحينئذ تجب ملاحظة الترتيب بمعنى تخصيص العلماء أوّلاً بفسّاقهم لكونه أخصّ منه مطلقاً ، ثمّ تخصيص العدول بالعلماء لصيرورته أخصّ منه بعد إخراج الفسّاق منهم ، إذ لولا ملاحظة الترتيب
__________________
(١) يأتي في الصفحة : ١٠٣ التعرّض لمسألة تأخّر التخصيص عن التعارض وعدمه.
(٢) فرائد الأُصول ٤ : ١١١ ـ ١١٢.