الأصحاب أنّهم يرجّحون بها ، وأمّا ما تضمّنته المقبولة من الترجيح بها فليس ترجيحاً لإحدى الروايتين على الأُخرى ، بل إنّما كان ترجيحاً لأحد الحكمين على الآخر بصفات الحاكم بالأفقهية والأصدقية والأعدلية ، ولأجل ذلك جعلناها دليلاً على وجوب الترافع إلى الأعلم في الشبهات الحكمية ، وأن ضمّ غير الأعلم إليه كضمّ الحجر في جنب الإنسان ، انتهى.
وقد تكرّرت هذه الجملة فيما حرّرته عنه قدسسره في دروس متعدّدة ، ونصّ عليها الشيخ في الرسائل (١) في الموضع الأوّل الذي تعرّض فيه للجمع بين المقبولة والمرفوعة ، فراجع.
وحاصلها : أنّ الترجيح بصفات الحاكم إنّما هي لترجيح أحد الحكمين على الآخر في الشبهات الحكمية كما هو مورد الرواية ، لا لأجل مجرّد فرض الاختلاف بينهما ، بدعوى أنّه لا يتصوّر الخلاف في الحكم في الشبهات الموضوعية ، لإمكان الاختلاف في تشخيص المدّعي والمنكر ، بل لأجل فرض كون الاختلاف واقعاً في الرواية والترجيح بالشهرة ، ثمّ بعد الفراغ من التساوي في صفات الحاكم انتقل السؤال والجواب إلى الترجيح في المستند وهو الرواية.
ولا يخفى أنّ ترجيح أحد الحكمين على الآخر بالأعلمية كما يستفاد منه وجوب الترافع إلى الأعلم ، فكذلك يستفاد منه وجوب تقليد الأعلم في مورد المخالفة ـ كما استدلّ بها شيخنا قدسسره لذلك في مباحث الاجتهاد والتقليد ، فراجع ما حرّرته عنه قدسسره (٢) في ذلك ـ لأنّ هذه الجهة من الصفة أعني الأعلمية إنّما اعتبرت مرجّحة لأجل أنّ صاحبها أوصل إلى الواقع ، فكان الترجيح بها يشعر أنّ الميزان
__________________
(١) فرائد الأُصول ٤ : ٦٨ ـ ٧٠.
(٢) مخطوط لم يطبع بعدُ.